وأدخلهَا الخفَّ، ثم غسلَ الأخرى، وأدخلها الخفَّ؛ لم يجز المسحُ حتى ينزعَ الأولى، ثم يلبسها.
وتفويت سنة اللبس في تقديم اليمنى لا يوجب منعَ جواز المسح؛ لأنَّه علَّق الحكم بالمسح عليهما بإدخالهما طاهرتين، وذلك لا يقتضي إدخال إحداهما طاهرة دون الأخرى، والحكمُ المترتبُ على التثنية غيرُ المترتب على الوحدة؛ فيكون حالًا منهما، لا من كل واحد منهما، والله أعلم.
وقول المغيرة:"فَمَسَحَ عَلَيهمَا": فيه إضمارٌ، تقديره: فأحدثَ، فمسحَ عليهما؛ لأنَّ وقتَ جواز المسح بعدَ الحديث، ولا يجوزُ قبله؛ لأنَّه على طهارة الغسل.
والحدثُ المجوِّزُ للمسح: ما ينقض الوضوء من البول والغائط، والنوم، ونحوها؛ لا ما يوجب الغسل، وذلك ثابت في حديث صفوانَ بنِ عَسَّال -بالعين والسين المشددة المهملتين-، والله أعلم.
* * *
[الحديث الثاني]
عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ - رضي الله عنه - قالَ:"كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَبَالَ، وَتَوَضَّأَ، وَمسَحَ على خُفَّيْه"(١).
مختصر، تقدم الكلام على حذيفة وأبيه قريبًا في الحديث الثاني من باب السواك.
وقوله:"فَبَالَ، وَتَوَضَّأَ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ": بيانٌ للإضمار في الحديث قبلَه، وقد ورد مبينًا فيه.
واعلم: أنَّ أحاديث المسح على الخفين، رواها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلائق
(١) رواه البخاري (٢٢٣)، كتاب: الوضوء، باب: البول عند صاحبه والتستر بالحائط، ومسلم (٢٧٣)، كتاب: الطهارة، باب: المسح على الخفين.