للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلفت الروايات فيه:

ومن أشهرها: رواية المغيرة بن شعبة.

ومن أصحها: رواية جرير بن عبد الله البَجَلي -بفتح الباء والجيم-، وقال: روينا في "سنن البيهقي" عن إبراهيم بن أدهم - رضي الله عنه - قال: ما سمعت في المسح على الخفين أحسنَ من حديث جرير - رضي الله عنه - (١).

واعلم: أنَّ غزوة تبوك، كانت في رجب، سنة تسع؛ وقتها كانت قصة المغيرة في المسح على الخفين، ورواية جرير فيه كان بعد نزول المائدة، قبل موت النبي - صلى الله عليه وسلم - بشهرين، أو نحوهما.

ولهذا كان يعجبُ أصحابَ عبد الله بن مسعود الأخذُ بحديث جرير؛ لتأخرِه، ورده على من ظنَّ أنَّه منسوخ، أو شكَّ في جوازه، وإزالته الإشكال فيه، واللبس على من التبس؛ ولهذا قال جرير - رضي الله عنه -: وهل أسلمْتُ إلَّا بعدَ نزول المائدة؟ (٢)

حتى اشتهر جواز المسح على الخف عند علماء الشريعة، وعُدَّ شعارًا لأهل السنة، حتَّى جعله بعضُهم أفضل من الغسل على ما حكينا؛ لكون تركه صار شعارًا لأهل البدع؛ فحديث جرير مبين للمراد من الآية في غير صاحب الخف؛ فتكون السنة مخصصة للآية، والله أعلم.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "دَعْهُما؛ فَإنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ، فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا": يعني: الطهارة الشرعية بكمالها؛ لأنَّه لا يسمَّى شرعًا متطهر، لمن يتطهر في جميع الأعضاء، إلَّا لمعة؛ فكيف من يترك عضوًا كاملًا؟

ولهذا قال أصحاب الشَّافعي - رحمهم الله -: لو غسل إحدى رجليه،


(١) رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٢٧٣).
(٢) رواه أبو داود (١٥٤)، كتاب: الطهارة، باب: المسح على الخفين، والترمذي (٩٤)، كتاب: الطهارة، باب: في المسح على الخفين، والحاكم في "المستدرك" (٦٠٤)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٢٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>