للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المراد بقوله: "ليس لي تحريمُ ما أحل الله" (١) بالنسبة إلى أمته فيما أحل لها، لا بالنسبة إليه، والله أعلم.

وقد ألحق العلماء بالمنع من المساجد من أكل الثوم والبصل والكراث كلَّ ما له رائحة كريهة من المأكولات وغيرها، وألحق القاضي عياض - رحمه الله - به من أكل فجلًا، أو كان يتجشأ، وألحق ابن المرابط المالكي به من في فيه بَخْر، أو بهِ جُرْحٌ له رائحة، وقد قاس العلماء على هذا مجامع الصلاة في غير المساجد؛ كمصلى العيد والجنائز ونحوهما، والله أعلم.

ومنها: أنه من أكل هذه المذكورات، هل هو عذر مرخِّصٌ في ترك الجماعة، أم خرج المنع من حضور المساجد والجماعات مخرجَ الزجر عن أكلها، فلا يقتضي أن يكون عذرًا في ترك حضورها إلا أن تدعوه ضرورة إلى أكلها، وهذا بعيد من وجه آخر، وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بتقريب هذه البقول إلى بعض أصحابه، فإنه ينافي الزجر، والله أعلم.

ومنها: احترامُ الناس والملائكة؛ بمنع أذاهم بالروائح الكريهة ونحوها مما يؤذي.

ومنها: الأمرُ بالقعود في البيت عندَ وجود الأذى المتعدِّي واعتزال الناس للكفِّ عن أذاهم؛ والله أعلم.

* * *

[الحديث التاسع]

عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: أَن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنْ أَكَلَ البَصلَ وَالثُّومَ والكُرَّاثَ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا؛ فَإِنَّ المَلائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَى مِنْهُ الإنْسَانُ" (٢).


(١) تقدم تخريجه قريبًا.
(٢) رواه البخاري (٨١٦)، كتاب: صفة الصلاة، باب: ما جاء في الثوم النيء والبصل والكُرّاث، ومسلم (٥٦٤)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: نهي من أكل ثومًا أو بصلًا أو كُرّاثًا أو نحوها، وهذا لفظ مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>