للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إباحة أكلها ومنع حضور الجماعة والمساجد بسبب أكلها، ألَّا تكون الجماعة واجبة على الأعيان، وتقريرُه أن كل هذه الأشياء جائز؛ لما ذكرناه، ومن لوازمه تركُ الصلاة جماعة في حق آكلها، ولازمُ الجائز جائز، وترك الجماعة في حق آكلها جائز، وذلك ينافي الوجوب عليه.

وفي الحديث فوائد:

منها: اعتزال الجماعة والمساجد لمن أكل بصلًا أو ثومًا أو نحوهما مما له رائحة كريهة، ولزوم بيته، وذلك تصريح بالنهي عن ذلك في كل مسجد، وهو مذهب العلماء كافة، وحكي عن بعض العلماء: أن النهي خاص بمسجد الرسول؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فليعتزلْنا، أو: فليعتزلْ مسجدَنا" (١)، وأكد ذلك بأن مسجده - صلى الله عليه وسلم - كان مهبطَ الوحي، والصحيحُ عمومُه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - في رواية في "صحيح مسلم": "فلا يقربن المساجد" (٢)، فيكون قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مسجدنا" للجنس، أو لضرب المثال؛ لأنه معلل بتأذي الناس أو الملائكة الحاضرين، وذلك قد يكون موجودًا في المساجد كلها.

ومنها: أن أكل البصل والثوم ونحوهما حلال، والنهي إنما هو عن الحضور مع الجماعة، أو عن حضور المسجد، لا عن أكلها، فإنه جائز بإجماع من يعتد به، وتقدم ذلك، وقد اختلف أصحاب الشافعي - رحمهم الله تعالى - في الثوم هل كان حرامًا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أم كان يتركه تنزهًا كغيره؟ على وجهين، وظواهر الأحاديث عدم التحريم، وأنه - صلى الله عليه وسلم - كغيره، ومن قال بالتحريم قال:


= كُرَّاثًا أو نحوها، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، لكن بلفظ: "ليس بي" بدل من "ليس لي".
(١) تقدم تخريجه في حديث الباب.
(٢) رواه مسلم (٥٦١)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: نهي من أكل ثومًا أو بصلًا أو كُرَّاثًا أو نحوها، والبخاري أيضًا (٨١٥)، كتاب: صفة الصلاة، باب: ما جاء في الثوم النيء والبصل والكُرَّاث، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - بلفظ: "فلا يقربن مسجدنا -أو- مساجدنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>