للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما يُطبخ فيه، ورواه البخاري في "صحيحه"، وأبو داود في "سننه"، وغيرهما: بِبَدْر -بباءين موحدتين - (١)، قال العلماء: وهو الصواب، وفسره الرواة وأهل اللغة والغريب بالطبق، قالوا: وسمي بَدْرًا لاستدارته كاستدارة البدر، واستبعدوا لفظة القدر بأنها تشعر بالطبخ (٢).

وقد ورد الإذن بأكل البقول المذكورة مطبوخة، وأما البدر، فلا تشعر كونها فيه مطبوخة، بل يجوز أن تكون نية، فلا يعارض ذلك الإذن في أكلها مطبوخة.

وأما الضمير في "فيه"، فهو عائد على القدر إذا قلنا: إنه مذكر، وهو لغة، وأما إذا قلنا: إنها مؤنثة، فيكون الضمير عائدًا إلى الطعام الَّذي في القدر، والله أعلم.

وقوله: "فأُخبر بما فيها من البقول": دليل على أن القدر مؤنثة.

وقوله: "قربوها، إلى بعض أصحابه"، الضمير في قربوها عائد إلى البقول، أو إلى الخضرات، لكن عوده إلى البقول أولى؛ لأنه أقرب.

وقوله: "فلما رآه كره أكلها، قال: كُلْ فإني أُناجي من لا تناجي"، فيه دليل على إباحة أكل الثوم والبقل ونحوهما، وهو حلال بإجماع مَنْ يعتد به، وحكي عن أهل الظاهر أو بعضهم تحريمُ أكل هذه الأشياء؛ لأنها تمنع عن حضور الجماعة، وتقريره عندهم أن الجماعة فرضُ عين، ولا يتم الإتيان به إلا بترك أكل هذه الأشياء؛ لهذا الحديث، وما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب، فترك أكل هذا واجب، وحجة الجمهور المعتد بهم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كلْ؛ فإني أناجي من لا تناجي"، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّها الناس! ليس لي تحريمُ ما أحلَّ الله" (٣)، ويلزم من


(١) رواه أبو داود (٣٨٢٢)، كتاب: الأطعمة، باب: في أكل الثوم، وقد تقدم تخريجه قريبًا عند البخاري.
(٢) انظر: "غريب الحديث" للخطابي (١/ ٥٣٣)، و"مشارق الأنوار" للقاضي عياض (١/ ٨١)، و"النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (١/ ١٠٦)، و"لسان العرب" لابن منظور (٤/ ٤٩)، (مادة: بدر)، و"شرح مسلم" للنووي (٥/ ٥٠)، وعنه أخذ المؤلف مادته هذه.
(٣) رواه مسلم (٥٦٥)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: نهي من كل ثومًا أو بصلًا أو =

<<  <  ج: ص:  >  >>