عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أمِرتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: عَلَى الجَبْهَةِ -وَأَشارَ بِيَدِه إلى أَنْفِهِ-، واليَدَيْنِ، والرُّكْبَتَيْنِ، وَأَطْرَافِ القَدَمَيْنِ"(١).
أما ابن عباس، فتقدم الكلام عليه.
وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أمرت أن أسجدَ على سبعةِ أعظُم":
فالآمر له - صلى الله عليه وسلم -: هو الله تعالى؛ بواسطة جبريل - صلى الله عليه وسلم -، وبالإلهام، وبغير ذلك من الطرق؛ كالرؤيا، والأمرُ يقتضي الوجوب.
وسمَّى الجبهةَ، واليدين، والركبتين، وأطرافَ القدمين: أعظمًا، وإن كانت مشتملةً على غيرها، وعلى أكثرَ من سبعةِ عظام؛ مجازًا، من باب تسمية الجملة باسم بعضها، وأراد - صلى الله عليه وسلم - الأعضاءَ.
ثمَّ ظاهر الحديث دال على: وجوب السجود على هذه الأعضاء:
أما الجبهة: فهي التي يكتنفها الجبينان، والسجودُ عليها واجب عينًا؛ عند الشافعي، ومالك، وجمهور العلماء، والسجودُ على الأنف: مستحبٌّ.
وقال أبو حنيفة، وابن القاسم من أصحاب مالك: هما واجبان على البدل؛ على أيهما اقتصر أجزأه.
ولم يختلف قول الشافعي؛ في وجوب السجود على الجبهة، واختلف قوله؛ في وجوب السجود على اليدين، والركبتين، والقدمين؛ على قولين: الراجح عنده، وعندَ أكثرِ أصحابه: الوجوبُ، ورجح بعضُ أصحابه: عدمَ الوجوب، وأجمعوا على استحباب السجود عليها.
(١) رواه البخاري (٧٧٩)، كتاب: صفة الصلاة، باب: السجود على الأنف، ومسلم (٤٩٠)، كتاب: الصلاة، باب: أعضاء السجود.