للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد فرق العلماء بين صلاة العيد والجمعة بفرقين:

أحدهما: أن صلاة الجمعة فرض عين يهتم الناس بالإتيان إليها من خارج المصر قبل دخول وقتها، وينتشرون في أشغالهم بعده في أمور دنياهم، فقدمت الخطبة عليها ليتلاحق الناس ولا يفوتهم الفرض، لا سيما فرض لا يقضى على وجهه، وهذا معدوم في صلاة العيد.

الثاني: أن صلاة الجمعة هي صلاة الظهر حقيقة، وإنما قصرت بشرائط، منها: الخطبتان، والشرط لا يتأخر، ويتعذر مقارنة الشرط للمشروط الذي هو الصلاة، فلزم تقديمه، وليس هذا المعنى في صلاة العيد؛ أي: ليست مقصورة عن شيء آخر بشرط حتى يلزم تقدم ذلك الشرط.

واختلف العلماء في صلاة العيد، هل هي واجبة أم مستحبة؟

فذهب الشافعي إلى أنها سنة مؤكدة، وبه قال جماهير أصحابه.

وقال أبو سعيد الإصطخري من الشافعية: هي فرض كفاية.

وقال أبو حنيفة: هي واجبة.

فإذا قلنا: فرض كفاية، فامتنع أهل موضع منها، قوتلوا عليها كسائر فروض الكفاية، وإذا قلنا: سنة، فوجهان:

أصحهما: لا يقاتلون؛ كسنة الظهر وغيرها من السنن.

والثاني: يقاتلون؛ لأنها شعار ظاهر، والله أعلم.

* * *

[الحديث الثاني]

عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَاِزبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: خَطَبَنَا النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الأَضْحَى بَعْدَ الصَّلاَةِ، فَقَالَ: "مَنْ صَلَّى صَلاَتَنَا، وَنَسَكَ نُسُكَنَا، فَقَدْ أَصَابَ النَّسُكَ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلاَةِ، فَلَا نُسُكَ لَهُ"، فَقَالَ أَبُو بردةَ بنُ نِيَارٍ خَالُ البرَاءِ بْنِ عَازِب: يا رَسُولَ الله! إِنِّي نَسَكْتُ قَبْلَ الصَّلاَةِ، وَعَرَفْتُ أَنَّ اليَوْمَ يَوْمُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>