للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الحديث الرابع]

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "العَجْمَاءَ جُبَارٌ، والبِئْرُ جُبَارٌ، والمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفي الرِّكَازِ الخُمُسُ" (١).

قال المصنف: الجبار: الهدر الَّذي لا شيء فيه، والعجماء: الحيوان البهيم.

أما العجماء، فسميت بذلك لأنها لا تتكلم، ومنه: الدواب العجم؛ تنبيهًا على أنها لا تتكلم، ومنه: الأعجمي الَّذي لا يُفصح.

وأصل التسمية بالجبار أن العرب تسمي السيل جُبارًا؛ للمعنى الَّذي ذكره المصنف؛ أي: لا طلب فيه، ولا قَوَدَ ولا ديةَ.

وأما البئر، فاشتقاقه من بأرت: إذا حفرت، والبؤرة: الحفرة، وهو يهمز أصلًا، ولا يهمز تسهيلًا، وجمعه: بئار وآبار وأبآر، والمراد به ما حفره الإنسان حيث يجوز له، فما هلك فيها، فهو هدر، وقيل: المراد به البئر القديمة.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "والمعدِن جُبار"؛ أي: من يهدر عليه من الفَعَلَة في المعدن، فلا شيء على المستأجر، وجمع المعدن: معادن، ومعادن الأرض: أصولها وبيوتها، ومعدِن الشيء: أصله، ومنه: معادن الذهب وغيره، وأصل المعدن: الثبوتُ والإقامة، ومنه سمي المعدن؛ لثبوت ما فيه، وقيل: لإقامة الناس عليه لاستخراجه.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وفي الركاز الخمس" الكنز من دفين الجاهلية عند جمهور العلماء وعند أهل العراق هي المعادن؛ لأنها ركزت في الأرض؛ أي: ثبتت، وسمي ركازًا؛ لأنه ركز في الأرض؛ أي: أُقر؛ كما يقال: ركزت الرمح، يقال: ركزه يركزه -بضم الكاف-، والخمس -بضم الميم وإسكانها-، ويقال فيه: الخميس، ثلاث لغات، ومنه سمي الجيش خميسًا؛ لأنه ينقسم على خمسة


(١) رواه البخاري (١٤٢٨)، كتاب: الزكاة، باب: في الركاز الخمس، ومسلم (١٧١٠)، كتاب: الحدود، باب: جرح العجماء والمعدن والبئر جبار، وهذا لفظ البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>