للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: رفع أخبار المرتدِّين والمنافقين إلى ولاة الأمور، وليس ذلك من الرَّفع المنهي عنه.

ومنها: تحتيم قتل من سبَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، من غير قبول توبته واستعاذته وتعلُّقه بأستار الكعبة ونحوها، أو غيرها من المخلوقين، والله أعلم.

* * *

الحديث الثَّاني

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما-: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ، مِنَ الثَّنِيَّةِ العُلْيَا الَّتِي بِالبَطْحَاءِ، وَخَرَجَ مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى (١).

أمَّا كَدَاء: فبفتح الكاف وبالمدِّ، هكذا ضبطه الجمهور، وضبطه بعضهم بفتح الكاف والقصر، وكذا بضمِّ الكاف وبالقصر، بأسفل مكَّة؛ هي الثنيَّة السفلى.

وأمَّا كُدَيُّ -بضمِّ الكاف وتشديد الياء-، فهو في طريق الخارج إلى اليمن، وليس من هذين الطَّريقين في شيء، والله أعلم (٢).

وأمَّا: "الثَّنِيَّةُ العُلْيَا الَّتِي بِالبَطْحَاءِ": فالثَّنية: الطَّريق بين جبلين، والبطحاء بالمد، ويقال لها: الأبطح، وهي بجنب المحصَّب، وهذه الثَّنيّةُ تنحدر منها إلى مقابر مكَّة.

وإنَّما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه المخالفة داخلًا وخارجًا في طريقه؛ تفاؤلًا بتغير الحال إلى أكمل منه، كما فعل في العيد، وليشهد له الطريقان، وليتبرك أهلهما.


(١) رواه البخاري (١٥٠١)، كتاب: الحج، باب: من أين يخرج من مكة؟ ومسلم (١٢٥٧)، كتاب: الحج، باب: استحباب دخول مكة من الثنية العليا والخروج منها من الثنية السفلى، وهذا لفظ البخاري.
(٢) انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (١/ ٣٥٠)، و "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٤/ ١٥٦)، و"تحرير ألفاظ التنبيه" للنووي (ص: ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>