للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اختلف قول الشَّافعيِّ فيمن أراد دخول مكَّة بغير إحرام، فقال مرَّة: يجوز، سواء كان دخوله لحاجةٍ تتكرر؛ كالحطَّاب، والحشَّاش، والسَّقَّاء، والصَّياد، وغيرهم، أو لا تتكرَّر؛ كالتاجر والزَّائر، وغيرهما، وسواء كان آمنًا أم خائفًا، وهذا أصحُّ القولين، وبه يفتي أصحابنا.

والقول الثَّاني له: أنَّه لا يجوز دخولها بغير إحرام، إن كانت حاجته لا تتكرَّر، إلَّا أن يكون مقاتلًا، أو خائفًا من قتالٍ، أو خائفًا من ظالم لو ظهر، وهذا قول أكثر العلماء.

ومنها: إباحة قتل الملتجئ إلى الحرم، وتقدَّم اختلاف العلماء فيه، وفي التَّمسُّك من الحديث لذلك نظر؛ فإنَّ جواز قتل ابن خطلٍ وغيره محمولٌ على الخصوصيَّة التي دلَّ عليها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولم تحلَّ لأحدٍ قبلي، ولا تحلُّ لأَحدٍ بعدي، وإِنَّما أُحلَّتْ لي ساعةً من نهار" (١).

مع أنَّ أصحاب الشَّافعيِّ - رحمه الله - تأوَّلوا قتلَ ابن خطلٍ بعدَ السَّاعة التي أُبيحت له، لا في السَّاعة التي أبيحت له.

ومنها: جواز إقامة الحدود في الحرم، وهو قول مالكٍ والشَّافعيِّ، وموافقيهما.

وقال أبو حنيفة: لا يجوز، وتأوَّل هذا الحديث في قتله على السَّاعة التي أبيحت له، وقيل: إنَّما قتله؛ لأنَّه لم يترك القتال، ولم يف بالشَّرط، بل قاتل بعد ذلك، والله أعلم.

ومنها: استحباب لبس المغفر ونحوه من السِّلاح حالَ الخوف من العدوِّ، أو لإرهابهم.

ومنها: شرعيَّة ستر الكعبة بالأستار؛ فإنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أقرَّها على السَّتر، وسترها بكسوة بعد ذلك.


(١) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>