للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حِبَرَة من عصب اليمن (١)، ثمَّ كساها النَّاس بعده في الجاهلية، وكساها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثمَّ أبو بكر، ثمَّ عمر، ثمَّ عثمان، ومعاوية وابن زياد الديباجَ.

وكانت تُكسى يوم عاشوراء، ثمَّ كساها ابن الزبير ومعاوية في السَّنة مرَّتين، ثمَّ كان المأمون يكسوها ثلاث مرَّات، فيكسوها الدِّيباجَ الأحمرَ يوم التَّروية، وهو اليوم الثَّامن من ذي الحجَّة، والقباطي يوم هلال رجب، والدِّيباج الأبيض يوم سبع وعشرين من رمضان.

وهذا الأبيض، ابتدأه المأمون سنة ستٍّ ومئتين، حين قالوا له: الدِّيباج الأحمر يتخرق قبل الكسوة الثَّانية، فسأل عن أحسن ما تكون فيه الكعبة؟ فقيل: الدِّيباج الأبيض، ففعله، والله أعلم.

وقد تقدَّم تاريخ دخول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مكَّة يوم الفتح، وثبت عن ابن شهابٍ - رحمه الله -: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يكن محرمًا ذلك اليوم، وظاهرُ كونِ المغفر على رأسه - صلى الله عليه وسلم - يقتضي ذلك، وكان أمره - صلى الله عليه وسلم - بقتل ابن خَطَلٍ؛ لأنَّه كان قد ارتدَّ عن الإسلام، وقتل مسلمًا كان يخدمه، وكان يهجو النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، ويسبُّه، وكان له قينتان تغنِّيان بهجاء المسلمين.

فإن قيل: ففي الحديث الآخر: "مَنْ دخلَ المسجدَ فهو آمِنٌ" (٢)، فكيف قتله وهو متعلِّق بالأستار؟ فالجواب: أنَّه لم يدخل في الأمان، بل استثناه هو وابن أبي سرح والقينتين، وأمر بقتله، وإن وجد متعلِّقًا بأستار الكعبة، والله أعلم.

وفي هذا الحديث أحكام:

منها: أنَّ المريد لدخول مكَّة، إذا كان محاربًا، يباح له دخولها بغير إحرام، لحاجة المحارب إلى التَّستُّر بما يقيه وقع السلاح.


(١) رواه الأزرقي في "تاريخ مكة" (ص: ٢٥٠).
وقد روى في "تاريخه" أيضًا (ص: ٢٤٩)، وتمام الرازي في "فوائده" (١٦٩٥)، عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن سب أسعد الحميري -وهو تُبَّعٌ- وقال: وهو أول من كسا الكعبة".
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>