للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه: جوازُ استدبار القبلة في البنيان، وأنَّه مخصِّص لعموم النَّهي -والله أعلم-.

وفيه: استحبابُ الكناية بقضاء الحاجة عن البول والغائط، وجواز قضاء الحاجة في مكان غير معدٍّ له؛ من سطحٍ وغيره، سواء كان مضطرًا إلى ذلك أم لا.

وفيه: جوازُ الإخبار عن مثل ذلك للاقتداء والعمل، وجوازُ تَبَسُّط أقارب الزوجة في بيت الزَّوج حالة الاحتشام، وكفُّ البصر عما يُستَحْيَا من رؤيته -والله أعلم-.

واعلم أن العلماءَ من أصحاب الشافعي -رحمهم الله- قالوا: يجوز استقبالُ القبلةِ واستدبارُها في البنيان إذا كان قريبًا من ساتر من جدارٍ أو نحوه؛ بحيث [يكون بينه وبين ثلاث أذرع فما دونها، وأن يكون الساتر مرتفعًا بحيث] (١) يسترُ أسافلَ الإنسان، وقدَّروه بآخرة الرَّحل، وهي نحو ثلثي ذراع، فإن زاد ما بينه وبين الساتر على ذلك، أو قصر عن آخرة الرحل، فهو حرام كالصحراء، إلّا إذا كان في بيت بُني لذلك، فلا حَجْرَ فيه كيف كان، قالوا: ولو كان في الصحْرَاء، وستر بشيء على الشَّرط المذكور، زالَ التحريم، فالاعتبار بوجود الساتر وعدمه، فيحلُّ في الصحراء والبنيان بوجوده، ويحرم فيهما لعدمه، هذا هو الصحيح المشهور.

ومنهم: من اعتبر الصحراء والبنيان مطلقًا، ولم يعتبر الحائل، فأباح في البنيان مطلقًا، وحرم في الصحراء مطلقًا، لكن تفريعهم على الأول، فقالوا: لا فرقَ بين أَنْ يكونَ الساتر دابَّة، أو جدارًا، أو كثيبَ رملٍ، أو جبلًا، ولو أرخى ذيلَه في قبالة القبلة، حصل السَّتر به على أصحِّ الوجهين؛ لحصول الحائل، وهذا الكلام كله مبنيٌّ على أنَّ العلة المستنبطةَ هل هي معتبرةٌ أم لا؟.

أما إذا لم يعتبرها، فلا كلام، وإن اعتبرها، فهل هي احترام القبلة، أو رؤية


(١) ما بين معكوفين زيادة من "ح".

<<  <  ج: ص:  >  >>