جميعه خاص به - سبحانه وتعالى - لا يشرَكُه فيه أحد، قال الله تعالى:{لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}[البقرة: ٢٧٢]، وقال تعالى:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}[القصص: ٥٦]، وفي إضافة الهداية إلى الأسباب؛ حيث أضافها الله تعالى إليه في قوله تعالى:{وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الشورى: ٥٢]، فلهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فهداكم الله بي"، وكذلك الألفة حيث قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (٦٢) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} [الأنفال: ٦٢ - ٦٣]، وكذلك الإغناء؛ فإنه -سبحانه وتعالى- المغني، وامتن به في قوله تعالى لقوم نوح - صلى الله عليه وسلم - وعلى لسانه:{وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ}[نوح: ١٢]، والله أعلم.
وقوله:"عالة" هم الفقراء الذين لا مال لهم، والعَيْلَة: الفقر.
ثم في جواب الصحابة - رضي الله عنهم - بما أجابوا به من استعمال الأدب والاعتراف بالحق، والذي كنى به الراوي: كذا وكذا، قد بين مصرَّحا به في رواية أخرى، فتأدب الراوي بالكناية دون التصريح.
قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لولا الهجرةُ لكنتُ امرأً من الأنصار" معناه: أتسمَّى باسمهم، وأنتسب إليهم كما كانوا يتناسبون بالحلف، لكن خصوصية الهجرة ومرتبتها سبقت، وعلت؛ فهي أعلى وأشرف، فلا تُبدل بغيرها، ولا ينتفي منها من حصلت له، وقيل معناه: لكنت منهم في الأحكام والعداد، ولا يجوز أن يكون المراد النسب قطعًا.
قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لسلكت واديَ الأنصار وشعبَها" الوادي: اسم للحفيرة، وقيل: للماء، والأول أشهر، والشِّعْب: اسم لما انفرج بين الجبلين، وقيل: هو الطريق في الجبل، والمراد جبرهم بهذا القول، والتنبيه على ما حصل لهم من الإيمان والنصرة والقناعة والرضا عن الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن من كان هذا وصفه، فهو حقيق بأن يسلك طريقه، ويتبع حاله؛ لما فيها من الراحة الدنيوية والأخروية، والسلامة فيهما.