ومنها: أن الإشارة بالرأس ونحوه في ذلك قائمة مقام النطق.
ومنها: وجوب القصاص بالقتل بالمثقل عمدًا، وهو ظاهر من الحديث، وقوي في المعنى؛ حيث إنه صيانة للدماء من الإهدار، وهو مطلوب الشرع.
والقتل بالمثقل كالقتل بالمحدد في إزهاق الأرواح؛ فلو لم يجب القصاص بالقتل بالمثقل، لأدى ذلك إلى إيجاد القتل به ذريعة إلى إهدار القصاص، وهو خلاف المقصود من حفظ الدماء، وبهذا قال مالك، والشافعي، وأحمد، وجمهور العلماء.
وقال أبو حنيفة: لا قصاص إلا في القتل بمحدَّد؛ من حديد أو حجر أو خشب، أو كان معروفًا بقتل الناس؛ كالمنجنيق، والإلقاء في النار، واختلفت الرواية عنه في مثقل الحديد؛ كالدبوس. واعتذر الحنفيون عن الحديث بأعذار ضعيفة:
منها: أن قتل اليهودي إنما كان سياسة لا قصاصًا، قالوا: فإن اليهودي كان ساعيًا في الأرض فسادًا، وكان من عادته قتل الصغار بذلك، وهذا كله مردود يقول أنس - رضي الله عنه - في رواية مسلم والنسائي في الكتاب: فأقاده رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ومعلوم أن الإقادة لا تقال في القتل سياسة، فإن كانت الجناية شبه عمد؛ بأن قتل بما لا يقصد به القتل غالبًا، فتعمد القتل به، كالعصا والسوط واللطمة والقضيب والبندقة ونحو ذلك، فقال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين فمَنْ بعدهم من أئمة المذاهب وغيرهم؛ كالشافعي، وأبي حنيفة، والأوزاعي، والثوري، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور: لا قصاص فيه، وقال مالك، والليث: يجب فيها القود.
ومنها: اعتبار المماثلة في استيفاء القصاص بالقتل بالمثقل؛ فيقتل على الصفة التي قتل، فإن قتل بالسيف، قتل هو بسيف، وإن قتل بحجر أو خشب، أو نحوهما، قتل بمثله؛ لأن اليهودي رضخَها، فَرُضخ هو، وهذا هو مذهب