للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعتبر في الحرز الذي يقطع بالسرقة منه: ما عدَّه أهلُ العرف حِرزًا لذلك الشيء.

ويشترط للقطع -أيضًا-، ألَّا يكون للسارق شبهة في المسروق؛ فإن كانت شبهة، لم يقطع.

ويشترط -أيضًا- مطالبة المسروق منه بالمال.

واعلم أن هذا الحديث هو اعتماد الشافعي في مقدار النصاب، وقد ثبت ذلك من فعله؛ لأنه لا يلزم من قطع السارق في مقدار معين وقع على سبيل الاتفاق ألَّا يقطع فيما دونه، بخلاف القول، فإنه دال على اعتبار معين في القطع، وذلك يدل على عدم اعتبار ما زاد عليه في إباحة القطع.

ولو اعتبر في الزيادة عليه، لاعتبر فيما دونه، و -أيضًا- فإن دلالة الفعل هي باب الظن في المقصود، فأشبهت المتقومات، والله أعلم.

وهذا الحديث قوي في الدلالة على أصحاب أبي حنيفة؛ فإنه صريح بمقتضاه في القطع في هذا المقدار الذي لا يقولون بجواز القطع به.

وأما دلالته على الظاهرية ومن قال بقولهم؛ في أنه يقطع في كل قليل وكثير، فليست من حيث النطق، بل من حيث المفهوم، وهو داخل في مفهوم العدد، ومرتبته أقوى من مفهوم اللقب.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "تقطع اليد"؛ المراد بها: القطع من الرسغ؛ وهو المفصل بين

الكف والذراع، وهو قول الشافعي، وأبي حنيفة، ومالك، وأحمد، وجماهير العلماء، وقال بعض السلف: تقطع اليد من المرفق، وقال بعضهم: من المنكب؛ والمراد به اليد اليمنى، وكذلك هو في قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨]؛ أي: أيمانهما، وهو موجود في مصحف ابن مسعود - رضي الله عنه -.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>