للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي هذا الحديث أحكام:

منها: قدوم القبائل والغرباء على العلماء والكبار.

ومنها: نظر الإِمام في مصالح الوافدين عليه، وأمره لهم بما يناسب حالهم في إنزالهم مكانا، وإصلاحهم أبدانا.

ومنها: دلالة لمالك وأحمد في أن بولَ ما يؤكل وروثَه طاهران، وأجاب المخالفون من الشافعية وغيرهم القائلون بنجاستها: بأن شربهم الأبوال كان للتداوي، وهو جائز بكل النجاسات، سوى شربِ الخمر والمسكرات.

واعترض عليهم بأنها لو كانت نجسة محرمة للشرب، ما جاز التداوي بها؛ لأن الله - عَزَّ وَجَلَّ - لم يجعل شفاء هذه الأمة فيما حرم عليها.

ومنها: ثبوت أحكام المحاربة في الصحراء؛ حيث إن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث في طلب العرنيين لما بلغه فعلهم بالرعاء.

واختلف العلماء في ثبوت أحكامها في الأمصار:

فقال مالك والشافعي: تثبت، وقال أبو حنيفة: لا تثبت.

ومنها: شرعية المماثلة في القصاص، ونهيه - صلى الله عليه وسلم - عن المثلة في غير القصاص مع شرعية عدم المماثلة فيه استحبابًا.

ومنها: أن فعل الإِمام بالمحاربين وأهل الفساد ما يفعله في المثلة والقطع وسمر الأعين ونحو ذلك، ليس هو من عدم الرحمة؛ لما فيه من كف العادية عن الخلق، فيكون فعله حينئذ رحمة بهذا الاعتبار، ولا شك أن من صفة الأئمة الرحمة برعاياهم، فإذا فعلوا مثل ذلك، فلا يظن أنه مخالف لوصف الرحمة الذي هو مشروط في حقهم على الرعايا، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن لي على قريش حَقًّا، ولقريشٍ عليكم حَقًّا، ما إذا حكموا فعدلوا، وائتمنوا فأدوا، واستُرْحِموا فرحموا" (١).


(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٢/ ٢٧٠)، وعبد الرزاق في "المصنف" (١٩٩٠٢)، وابن =

<<  <  ج: ص:  >  >>