للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورواه -أيضًا- ابن إسحاق وموسى بن عقبة، وأهل السير، والترمذي، فيكون قصاصًا.

وقال بعض السلف: كان هذا قبل نزول الحدود وآية المحاربة والنهي عن المُثلة، فهو منسوخ، وقيل: ليس بمنسوخ.

وفي قصة العرنيين نزلت آية المحاربة، وهي قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة: ٣٣].

وقال بعضهم: النهي عن المثلة نهي تنزيه ليس بحرام.

وقوله: "وتُرِكوا في الحرّة"؛ الحرةُ: كل أرض ذات حجارة سود بين جبلين.

وأما قوله: "يَستسقون فلا يُسْقوْن"؛ فهو إخبار عن الواقع، لا يقتضي نهيًا عن سقيهم ولا غيره.

وقد نقل القاضي عياض -رحمه الله تعالى- إجماعَ المسلمين على أن: من وجب عليه القتل، فاستسقى الماء: أنه لا يمنع منه؛ لئلا يجتمع عليه عذابان.

وقد روي في بعض طرق هذا الحديث الصحيح في "سنن أبي داود والنسائي" من رواية ابن عمر - رضي الله عنهما -: أنهم قتلوا الرعاة، وارتدوا عن الإِسلام (١)، وحينئذ لا يبقى لهم حرمة في سقي الماء ولا غيره.

وقد اتفق أصحاب الشافعي -رحمهم الله أجمعين- على أنه لا يجوز لمن معه ماء يحتاج إليه للطهارة أن يسقيه لمرتد يخاف الموت من العطش، ويتيمم، ولو كان ذميًّا أو بهيمة، وجب سقيه، ولم يجز الوضوء به حينئذ، والله أعلم.


(١) رواه أبو داود (٤٣٦٩)، كتاب: الحدود، باب: ما جاء في المحاربة، والنسائي (٤٠٤١)، كتاب: تحريم الدم، باب: تأويل قول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: ٣٣].
قلت: وقد صرّح في رواية مسلم، عن أنس (١٦٧١)، (٣/ ١٢٩٦): أنهم قتلوا الرعاة، وارتدوا عن الإِسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>