والمغفرة: الستر في لسان العرب، والرحمة من الله تعالى عند المنزهين من الأصوليين عن التشبيه، إما نفس الأفعال التي يوصلها الله تعالى؛ من الإنعام والإفضال إلى العبد، وإما إرادة اتصال تلك الأفعال، فعلى الأول: هي من صفات الفعل، وعلى الثاني: هي من صفات الذات.
وقوله:"إنك أنت الغفور الرحيم": صفتان ذكرتا ختمًا للكلام على جهة المقابلة لما قبله لقوله: "اغفر لي وارحمني"، فالغفور مقابل لسؤال المغفرة، والرحيم مقابل لسؤال الرحمة، وقد وقعت المقابلة للأول بالأول، والثاني بالثاني - هاهنا-، وقد تقع على خلاف ذلك بأن يراعى القرب، فيجعل الثاني للأول، والأول للأخير، وذلك على حسب اختلاف المقاصد، وطلب التعيين في الكلام، ومما يحتاج إليه في علم التفسير مناسبة مقاطع الآي لما قبلها، والله أعلم.
وفي هذا: الحديث: شرعية طلب تعليم العلم من العلماء، خصوصًا في الدعوات المتعلقة بالصلوات.
وفيه: الاعتراف بظلم النفس وتقصيرها في كل حالة.
وفيه: حصره للمغفرة بأنها لا تكون إلا من عند الله تعالى؛ إذ لا يتصور إيجادها من عند غيره.
وفيه: طلبها وطلبُ الرحمة، وإن كانت رحمة الله تعالى تعمُّ المغفرة وغيرها.
وفيه: الثناء على الله تعالى بما وصف به نفسه.
وفيه: إجابة العالم للمتعلم سؤاله، خصوصًا إذا كان المسؤول علمًا عمليًّا، وافتقارًا وتوحيدًا أو تنزيهًا، والله تعالى أعلم.