لفظ الحديث، إلَّا أن يتناول لفظة:"لَهُ شَيءٌ يُوصِي فيهِ" بمعنى: عليه، ويكون "فيه" بمعنى "به".
وقد أجمع المسلمون على الأمر بالوصيَّة، لكن مذهب الشَّافعي، وجمهور العلماء: أن الأمر بها للندب، لا للوجوب، وقال داود، وغيره من الظاهرية وغيرهم: هو للوجوب؛ للحديث، ولا دلالة فيه لهم؛ لعدم التصريح به.
وأَمَّا تأكيد الأمر بها، والحثُّ عليها، فهو ظاهر فيه، إلَّا أن يحمل على من عليه دين، أو عنده وديعة ونحوه، فإنّه يجب الإيصاء بذلك قطعًا، قال الشَّافعي -رحمه الله تعالى-: معنى الحديث: ما الحزم والاحتياط للمسلم، إلَّا أن تكون وصيته مكتوبة عنده، فيستحب تعجيلها، وأن يكتبها في صحَّته، ويُشهد عليها، ويكتب فيها ما يحتاج إليه، فإن تجدَّد له أمر يحتاج إلى الوصيَّة به، ألحقه، والله أعلم.
قال العلماء: ولا يكلف أن يكتب كل يوم محقرات المعاملات، وجزئيات الأمور المتكررة؛ كالشيء الذي جرت العادة بتداينه ورده على قرب، وكأنهم راعوا في ذلك المشقة.
أَمَّا الوصيَّة بالتطوعات في القربات، فإن ذلك مستحبٌّ الوصيَّةُ به قطعًا، فكأن الحديث يحمل على الوصيَّة بالواجبات، ورخَّص في الليلتين أو الثلاث ليال في رواية في "صحيح مسلم"؛ دفعًا للحرج والعسر فيها.
وفي الحديث أحكام:
منها: الحثُّ على الوصيَّة.
ومنها: أنها لا تشرع لمن ليس له شيء يوصي فيه، ولا به.
ومنها: جواز العمل بالكتابة فيها، وبه قال الإمام محمد بن نصر المروزي من أصحاب الشَّافعي - رحمه الله - قال: يكفي الكتابُ فيها من غير إشهاد؛ لظاهر الحديث، وقال الشَّافعي - رضي الله عنه -، وجمهور العلماء: يُشترط الإشهاد عليها؛ لئلا تردّ ولا يعمل بها، فإن أرادوا بالاشتراط لحق الشرع،