أصح الوجهين- لجميع الناس، وأما في الفطر، فلا بد من رؤية عدلين، عند جميع العلماء، وقال أبو ثور: يجوز الفطر برؤية عدل -أيضًا-.
ومنها: وجوب الصوم والفطر على منفرد رأى الهلال في رمضان أو شوال، لكن قال العلماء: يفطر سرًّا؛ لئلا يساء الظن به.
ومنها: أنه لا يجوز صوم الشك، ولا صوم يوم الثلاثين من شعبان عن رمضان إذا كانت ليلة الثلاثين ليلة غيم، وقد روى أبو داود بإسناد كلُّ رجاله محتجٌّ بهم في "الصحيحين" على الاتفاق والانفراد عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره، ثم يصومه لرؤية رمضان، فإن غم عليه، عد ثلاثين يومًا، ثم صام، ورواه الدارقطني، وقال: هذا إسناد صحيح (١).
ومنها: أنه قد يستدل به على أن حكم الرؤية ببلد لا يتعدى إلى بلد آخر؛ لأنه إذا فرض أنه رُئي الهلال ببلد في ليلة، ولم ير في تلك الليلة بآخر، فيكمل ثلاثين يومًا لرؤية الأولى، ولم ير بالبلد الآخر، فهل يفطرون أم لا؟ فمن قال: يتعدى الحكم على أحد الوجهين في المسألة، لم يجز لهم الإفطار، وقد وقعت المسألة في زمان ابن عباس، وقال: لا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين، أو نراه، وقال: هكذا أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويمكن أنه أراد بذلك هذا الحديث العام، وهو قوله:"أفطروا لرؤيته"، أو لأنه شهادة واحد لم يثبت به إلا حديثًا خاصًّا بهذه المسألة، وهو الظاهر، والله أعلم.
ومنها: أنه استدل لمن قال بالعمل بالحساب في الصوم بقوله: "فاقدروا له"؛ حيث إنه أمر يقتضي التقدير، وتأوله غيرهم بأن المراد كمال العدد ثلاثين كما بيناه، والله أعلم.
(١) رواه أبو داود (٢٣٢٥)، كتاب: الصوم، باب: إذا أغمي الشهر، والدارقطني في: "سننه" (٢/ ١٥٦)، والإمام أحمد في "المسند" (٦/ ١٤٩)، وابن خزيمة في "صحيحه" (١٩١٠)، وابن حبان في "صحيحه" (٣٤٤٤)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٤/ ٢٠٦)، وهذا لفظ أبي داود.