ما إذا كان البائع مغبونًا، فيدعوه إلى الفسخ، فيشتريه منه بأكثر.
ومن الفقهاء من فسَّر البيع على البيع بالسوم على السوم، وهو: أن يتفق مالك السلعة والراغب فيها على البيع، ولم يعقداه، أو يكون المبيع في العرض عند المشتري بعد تقرير الثمن وقبل العقد، فيقول آخر للبائع: أنا اشتريته.
وكل هذا حرام بعد استقرار الثمن، فلو لم يستقر الثمن، وكانت السلعة تباع فيمن يزيد، فليس بحرام، وبعد الرضا بين المتساومين صريحًا، فلو وجد ما يدل على الرضا من غير تصريح، فوجهان، وليس السكوت من دلائل الرضا عند الأكثرين من الشافعية.
وقولهُ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تَنَاجَشُوا"؛ النَّجْشُ: بفتح النون وسكون الجيم وبالشين المعجمة، وتناجشوا: تفاعلوا النجش، وهو عند الفقهاء: أن يزيد في ثمن السلعة، لا لرغبة فيها، بل ليخدع غيره ويغره؛ ليزيد ويشتريها، وأصل النجش: الاستثارة، ومنه نجشت الصيد أنجُشه -بضم الجيم- نجشًا: إذا استثرته، وسمي الناجش في السلعة ناجشًا؛ لأنه يثير الرغبة فيها، ويرفع ثمنها.
وقال ابن قتيبة: أصل النجش: الختل؛ وهو الخداع، ومنه قيل للصائد: ناجش؛ لأنه يختل الصيد ويحتال له، وكل من استثار شيئًا فهو ناجش.
وقال الهروي: قال أبو بكر: النجش: المدح والإطراء، وعلى هذا معنى الحديث: لا يمدح أحدكم السلعة ويزيد في ثمنها بلا رغبة، والصحيح الأول (١).
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ"؛ الحاضر: المقيم بالبلد، والبادي: المقيم بالبادية، وفي معناه القروي: وهو المقيم بالقرى المضافة إلى البلاد.