للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النخل: أزهى، إنما يقال: زهى، وقال الخليل: أزهى النخل: بدا صلاحه، وحكاهما أبو زيد لغتين، وقال الخطابي: يروى: حتى يزهو، والصواب في العربية: حتى تزهي، والإزهاء في الثمر أن يحمرَّ أو يصفرَّ، وذلك علامة الصلاح فيها، ودليل صلاحها من الآفة، وقال الجوهري: الزَّهو بفتح الزاي، وأهل الحجاز يقولون بضمِّها، وهو البُسْر الملون، يقال: إذا ظهرت الحمرة أو الصفرة في النخل، فقد ظهر فيه الزهو، وقد زها النخل زهوًا، وأزهى لغةٌ، فالزيادة من الثقة مقبولة في الرواية والنقل، ومن نقل شيئًا لم يعرفه غيره، قبلناه إذا كان ثقة (١).

ولا شك أن الإزهاء يغير لون الثمرة إلى حال الطيب، والعلة في منع بيع الثمار قبل الازهاء يعرضها للجوائح، وقد أشار إلى ذلك في هذا الحديث بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أَرَأَيتَ إذا مَنَعَ اللهُ الثَّمَرَةَ، بِمَ يَستَحِلُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيه؟! ".

وفي هذا الحديث دليل: على منع بيع الثمرة قبل الإزهاء، وقد تقدم الكلام عليه مفصلًا في الحديث قبله.

وفيه دليل: على أنه يكتفى بمسمى الإزهاء وابتدائه من غير اشتراط مكاملة؛ لأنه جعل مسمى الإزهاء غاية للنهي، وبأوله يحصل المسمى.

وفيه دليل: على أن زهو بعض الثمرة كاف في جواز البيع من حيث ينطلق عليها أنها أزهت بإزهاء بعضها مع حصول المعنى، وهو الأمن من العاهة غالبًا، ولولا وجود المعنى، كان تسميتها مزهية بإزهاء بعضها قد لا يكتفى به؛ لكونه مجازًا.

وفيه دليل: على أن مال الغير لا يَحِلُّ ولا يُستحل إلا بالوجوه الشرعية لا بالحلية، ولا ببعض شروط الحل دون بعض.


(١) انظر: "العين" للخليل (٤/ ٧٣)، و"معالم السنن" للخطابي (٥/ ٤١)، و"مشارق الأنوار" للقاضي عياض (١/ ٣١٢)، و"شرح مسلم" للنووي (١٣/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>