لنفسه، وذلك عيبٌ عند النساء، قالت امرأة تمدحُ زوجها:
لا يأخذ الحلوان عن بناتنا.
ونقل البغوي، والقاضي عياض إجماعَ المسلمين على تحريم حلوان الكاهن؛ لأنه عوض عن محرم، ولأنه أكلُ مالٍ بالباطل، وكذلك أجمعوا على تحريم أجرة المغنية للغناء، والنائحة للنوح، وما ثبت في "صحيح مسلم" من النهي عن كسب الإماء، فالمراد به كسبهن بالزنا وشبهه، لا بالغزل والخياطة ونحوهما، قال الخطابي: قال ابن الأعرابي: ويقال لحلوان الكاهن: الشنع والصهميم (١).
قال الخطابي: وحلوان العرَّاف أيضًا حرام، قال: والفرق بين الكاهن والعراف: أن الكاهن إنما يتعاطى الأخبار عن الكائنات في مستقبل الزمان، ويدعي معرفة الأسرار، والعراف: هو الذي يدَّعِي معرفة الشيء المسروق، ومكان الضالَّة، ونحوهما من الأمور، هذا آخر كلامه في كتاب البيوع من "معالم السنن".
ثم ذكره في آخر الكتاب أبسط من هذا، فقال: الكاهن: هو الذي يدَّعي مطالعة علم الغيب، ويخبر الناس عن الكوائن، قال: وكان في العرب كَهَنة يدَّعون أنهم يعرفون كثيرًا من الأمور، فمنهم من كان يزعم أنه له رئيًا من الجن، وتابعه يلقي إليه الأخبار، ومنهم من كان يدَّعي أنه يستدرك الأمور بفهمه الذي أعطيه، وكان منهم من يسمى عرافًا، وهو الذي يزعم أنه يعرف الأمور بمقدمات أسبابٍ يستدل بها على مواقعها؛ كالشيء يُسرق، فيعرف المظنونَ به السرقةُ، ويتهم المرأة بالزنية؛ فيعرف مَنْ صاحبُها، ونحو ذلك من الأمور، ومنهم من كان يسمي المنجم: كاهنًا، قال: وحديث النهي عن إتيان الكهان يشتمل على
(١) انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (١/ ١٢)، و"غريب الحديث" للخطابي (١/ ٦٤٩)، و"النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (١/ ٤٣٥)، و"شرح مسلم" للنووي (١٠/ ٢٣١)، و"تهذيب الأسماء واللغات" له أيضًا (٣/ ٦٦).