نافع عن ابن عمر، ولا يضر ذلك؛ لأن سالمًا ثقة، وهو أجل من نافع، فزيادته مقبولة، وقد أشار النسائي والدارقطني إلى ترجيح رواية نافع، وهي إشارة مردودة، فحينئذ المصنف معذور؛ من حيث إنه روى الحديث عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -، والزيادة عنه -أيضًا-، والذي خرجاه في "صحيحيهما" روايتهما له عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجعلاها من مسند عمر، لا من مسند ابنه، والله أعلم.
وفي الحديث أحكام:
منها: جواز الإبار للنخل وغيره، وقد أجمع العلماء على ذلك، أما في النخل، فللحديث، وأما ما في باقي الثمار، فإنه في معناه.
ومنها: اعتبار التأبير في المبيع حقيقة، وهذا معتبر إذا كان في بستان واحد، واتحد النوع، وباعها صفقة واحدة، فأجرى تأبير البعض مجرى تأبير الجميع، وجعل ذلك كالنخلة الواحدة، فلو اختلف النوع، ففيه وجهان لأصحاب الشافعي، الأصح: أن الثمر يبقى للبائع؛ كما لو اتحد النوع؛ دفعًا لضرر اختلاف [الأيدي] وسواء المشاركة.
ومنها: أنه إذا باع ما لم يؤبر مفردًا بالعقد بعد تأبير غيره من البستان: أنه يكون للمشتري؛ لأنه ليس في المبيع شيء مؤبر، فيقتضي مفهوم الحديث أنه ليس للبائع، وهو أصح الوجهين للشافعية، وكأنه قال: إذا لم يعتبر عدم التأبير إذا بيع مع المؤبر، فيجعل بيعًا، وفي هذه الصورة ليس فيها شيء مؤبر يجعل غيره بيعًا له، وأدخل في هذه الصورة في الحديث ما إذا كان التأبير وعدمه في بستانين مختلفين، والأصح هاهنا: أن كل واحد منهما يفرد بحكمه. أما صحة بيعه مفردًا، ويكون للمشتري، فلظاهر الحديث، وأما إذا كانا في بستانين يفرد كل واحد منهما بحكمه؛ فلأن لاختلاف البقاع تأثيرًا في التأبير، ولأن في البستان الواحد يلزم ضرر اختلاف الأيدي وسواء المشاركة.