الصحيحة، وهي: أن يكون قدر المسلم فيه معلومًا بالكيل إن كان مكيلًا، والوزن إن كان موزونًا، أو غيرهما مما يضبط به، وتكون الواو في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فَليُسلِف في كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزنِ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعلُومٍ" بمعنى (أو)، ولو أخذنا على ظاهرها من معناها -وهو الجمع-، لزم أن نجمع في الشيء الواحد بين السلم فيه مكيلًا وموزونًا، وذلك يفضي التي عزَّة الوجود، وهو مانع من صحة السلم، فتعين حمل الحديث على ما ذكرناه من التفصيل من جوازه في الكيل مكيلًا، وفي الموزون موزونًا، وكذلك المعنى في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ" أنه إن أسلم إلى أجل، فليكن معلومًا لا مجهولًا، وإن أطلق السلم، حمل على الحلول؛ لأنه إذا جاز مع الأجل المعلوم، وفيه الغرر البين، فمع الحال أولى؛ لأنه أبعد من الغرر، وليس ذكر الكيل والوزن في الحديث دليلًا على الحصر؛ لجواز السلم في المكيل أو الموزون، دون المذروع والمعدود مما يضبطه قدر السلم فيه، بل ذلك جميعه جائز بلا خلاف بين العلماء.
وفي الحديث أحكام:
منها: جواز السلم المؤجل، وهو مجمع عليه.
وأما الحالُّ: فجوزه الشافعي وآخرون، ومنعه مالك، وأبو حنيفة، وآخرون، مستدلين بتوجه الأمر في الحديث في قوله:"فليسلم إلى الأجل والعلم معًا". ودليل الشافعي وغيره: ما تقدم، وأجمعوا على اشتراط وصفه بما يضبط به.
ومنها: جواز السلم المؤجل -وهو مجمع عليه- السنتين والثلاث إذا لم ينقطع المسلم فيه في أثنائها؛ بأن كانت الثمرة موجودة تلك المدة رطبة، فإن لم يوجد، لم يجز، بل يجوز في مدةٍ يؤخذ منها.
ومنها: جواز السلم في الكيل وزنًا؛ حيث إنه أضبط، وهو جائز بلا خلاف.
وفي جواز السلم في الموزون كيلًا وجهان للشافعية، أصحهما عندهم: جوازه؛ كعكسه.