للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشارع ثبوته فيه دون غيره، ما لم يقسم، ونفاها عند وقوع الحدود، وتصريف الطرق، والله أعلم.

وفي هذا الحديث أحكام:

منها: ثبوت الشفعة للشريك في العقار ما لم يقسم، وهذا مجمع عليه عند العلماء.

ومنها: عدم ثبوتها في الحيوان والثياب والأمتعة وسائر المنقول، وهذا متفق عليه عند العلماء.

قال القاضي عياض: وشذ بعض الناس، فأثبت الشفعة في العروض، وهي رواية عن عطاء، قال: يثبت في كل شيء حتى في الثوب، وحكى ذلك رواية عنه ابن المنذر -أيضًا-، وعن الإمام أحمد رواية: أنها تثبت في الحيوان، والبناء المفرد (١).

ولا شك أن ذكر وقوع الحدود وتصريف الطرق يقتضي تخصيص ثبوتها بالعقار دون غيره؛ حيث إن ذلك لا يكون إلا في العقار، مع أنه ثبت التصريح بثبوتها في الحوائط والربوع، وهي العقار، فصدر الحديث المذكور يقتضي ثبوته في المنقولات وغيرها، وسياقه يقتضي عدم ثبوته فيها.

ومنها: أن ثبوتها فيما ذكرنا إنما يثبت فيما يكون قابلًا للقسمة؛ لأن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "في كل مَا لَمْ يُقْسَمْ" يُشعر بأنه لا بدَّ أن يكون قائلًا لها مع رواية: "إنما الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ" المقتضية للحصر، وإن دلالة المفهوم مرجوحة بالنسبة إليها.

ومنها: سقوط الشفعة بمجرد الجوار، وهو مذهب مالك، والشافعي، وأحمد، وجمهور العلماء، وقال به من الصحابة -رضي الله عنهم-: عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، ومن التابعين: سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، ويحيى الأنصاري، وأبو الزناد، ومن


(١) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١١/ ٤٥ - ٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>