أبو الأب، والأخ ابن الأب، ثم بنو الإخوة، ثم بنوهم وإن سفلوا، ثم الأعمام، ثم بنوهم وإن سفلوا، ثم أعمام الأب، ثم بنوهم وإن سفلوا، ثم أعمام الجد، ثم بنوهم، ثم أعمام جد الأب، ثم بنوهم، وهكذا.
ومن أدلى بالأبوين: يقدم على من يدلي بأب؛ فيقدم أخ من أبوين على أخ من أب، ويقدم ابن أخ من أبوين على ابن أخ من أب، ويقدم عم لأبوين على عم لأب، وكذا الباقي، ويقدم الأخ من الأب على ابن الأخ من الأبوين: لأنَّ جهة الأخوة أقوى وأقرب، ويقدم ابن الأخ لأب على عم لأبوين، ويقدم عم لأب على ابن عم لأبوين، وكذا الباقي، وإنَّما ذكرنا هذه الفروع لدخولها جميعها تحت قوله - صَلَّى الله عليه وسلم -: "فَمَا بَقِي: فَهُوَ لأَوْلَى رَجُلٍ ذَكرٍ، أَوْ لأَوْلَى عَصَبَةٍ ذَكَرٍ"(١) كما ذكر في بعض الروايات، والله أعلم.
وفيه دليل لمذهب ابن عباس - رضي الله عنهما - في أنه لو خلف بنتًا وأختًا لأبوين وأخًا لأب: أن للبنت النصف، والباقي للأخ دون الأخت؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أَلْحِقُوا الفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، [فَمَا] بَقِيَ فَلأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ"، ولم يكن رجل ذكر بعد البنت، إلَّا الأخ من الأب.
فلم يكن للأخت من الأبوين شيء، لكن الله -سبحانه وتعالى- فرض للأخت من الأبوين النصف، كما فرض للبنت النصف بقوله تعالى:{إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ}[النساء: ١٧٦]. وبقوله تعالى في البنت:{وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ}[النساء: ١١]، فلم يبق بعد إلحاق الفرائض بأهلها شيء؛ فلم يكن للأخ شيء، وهذا مذهب الشَّافعي، وجمهور العلماء، والله أعلم.
(١) قال الحافظ ابن حجر: وقع في كتب الفقهاء كصاحب "النهاية" وتلميذه الغزالي: "فلأولى عصبة ذكر"، قال ابن الجوزي والمنذري: هذه اللفظة ليست محفوظة. وقال ابن الصلاح: فيها بعد عن الصحة من حيث اللغة، فضلًا عن الرواية؛ فإن العصبة في اللغة اسم للجميع لا للواحد، كذا قال. والذي يظهر أنه اسم جنس، ويدل عليه حديث أبي هريرة في "الصحيح": "أيما امرئ ترك مالًا فليرثه عصبته من كانوا" فشمل الواحد وغيره. وانظر: "فتح الباري" (١٢/ ١٢)، و "تلخيص الحبير" (٣/ ٨١).