للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأَمَّا ما حكاه الحافظ أبو عمر بن عبد البر - رحمه الله - في "استيعابه" عن خليفة بن خياط: أنه قال: قتل عقبة بن عامر يوم النهروان شهيدًا، سنة ثمان وثلاثين، فقال: وهذا غلط منه، وفي كتابه بعد: وفي سنة ثمان وخمسين توفي، وقوله - رحمه الله - موافق للحفاظ، وتغليطه لخليفة، وكتابه صحيح. والله أعلم.

وأخذ بظاهر هذا الحديث: الإمامُ أحمد، وجماعة، وألزموا الوفاء بالشروط، وإن لم يكن مقتضى العقد؛ كأن لا يتزوج عليها، ولا يتسرى، ولا يخرجها من البلد، ولا يسكن بها إلا في بيت معين، ولا يقسم لها، ولا ينفق عليها، ونحو ذلك.

وحمل الإمام الشافعي وأكثر العلماء هذا الحديث على شروط لا تنافي مقتضى النكاح ومقاصده؛ كاشتراط العِشْرة بالمعروف، والإنفاق عليها، وكسوتها، وسكناها بالمعروف، وأنه لا يقصر في شيء من حقوقها، ويقسم لها كغيرها، وأنها لا تخرج من بيته إلا بإذنه، ولا تنشز عليه، ولا تصوم تطوعًا بغير إذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه، ولا تتصرف في متاعه إلا برضاه، ونحو ذلك.

فأَمَّا شرط ينافي مقتضاه؛ كشرط ألَّا يقسم لها، أو لا يتسرى عليها، أو لا ينفق عليها، فلا يجب الوفاء به، ويلغو الشرط، ويصح النكاح بمهر المثل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كلُّ شرط ليسَ في كتابِ اللهِ فهو باطل" (١).

قال شيخنا أبو الفتح الإمام - رحمه الله -: وفي حمل الحديث على ما هو من مقتضيات العقد، ضعف، قال: لأنها أمور لا تؤثر الشروط في إيجابها، فلا تستند الحاجة إلى تعليق الحكم بالاشتراط فيها، ومقتضى الحديث: أن لفظ:


= و "الاستيعاب" لابن عبد البر (٣/ ١٠٧٣)، و "تاريخ دمشق" لابن عساكر (٤٠/ ٤٨٦)، و "أسد الغابة" لابن الأثير (٤/ ٥١)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (١/ ٣٠٨)، و"تهذيب الكمال" للمزي (٢٠/ ٢٠٢)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (٢/ ٤٦٧)، و "الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (٤/ ٥٢٠) , و "تهذيب التهذيب" له أيضًا (٧/ ٢١٦).
(١) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>