للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان الشغار من نكاح الجاهلية، ولا شك أن الحديث صريح في النهي عنه.

وأجمع العلماء على أن غير البنات من الأخوات، وبنات الأخ، والعمات، وبنات الأعمام، والإماء، كالبنات في هذا.

وصورة العقد عليه الواضحة: زوجتُكَ ابنتي على أن تزوجني ابنتك، وبُضع كل واحدة صداق الأخرى، فيقول: قبلت.

وتفسير الشغار من الراوي، يشعر بأن جهة الفساد فيه [من] وجوه:

أحدها: تعليق العقد.

الثاني: التشريك في البضع.

الثالث: اشتراط العرو عن الصداق، وهو مفسد عند مالك، وتفسير نافع يشعر به، لكنه لملازمته لجهة الفساد، لا أن عدم ذكر الصداق يقتضي بمجرده فسادَ العقد، فلا يكون له حينئذ مدخل في النهي.

وأجمع العلماء على النهي عن نكاح الشغار، فلو عقد، فهل يكون باطلًا أم صحيحًا، ويجب به مهر المثل؟

فذهب الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد: إلى أن النهي يقتضي إبطاله، وقال مالك: يفسخ قبل الدخول، وبعده، والفسخ يقتضي صحته، وفي رواية عنه: يفسخ قبله، لا بعده.

وقال شيخنا أبو الفتح الإمام - رحمه الله -: وعند مالك فيه تقسيم؛ ففي بعض صور: العقد باطل عنده، وفي بعض صور: العقد يفسخ قبل الدخول، ويثبت بعده؛ وهو: ما إذا سمى الصداق في العقد؛ بأن يقول: زوجتك ابنتي بكذا، على أن تزوجني ابنتك بكذا، فاستحق ملك هذا؛ لذكر الصداق. والله أعلم (١).

وقال أبو حنيفة: يصح بمهر المثل، وهو محكي عن عطاء، والزهري،


(١) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٤/ ٣٤ - ٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>