للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يقال: الإباحة مختصة بما قبل خيبر، والتحريم يوم خيبر للتأبيد، وأن الذي كان يوم الفتح مجرد توكيد التحريم، من غير تقدم إباحة يوم الفتح؛ لأن الروايات التي ذكرها مسلم في الإباحة صريحة في ذلك، فلا يجوز إسقاطها، فلا مانع يمنع تكرير الإباحة. والله أعلم (١).

قال القاضي عياض: واتفق العلماء على أن هذه المتعة كانت نكاحًا إلى أجل لا ميراث فيه، وفراقها يحصل بانقضاء الأجل من غير طلاق، ووقع الإجماع بعد ذلك على تحريمها من جميع العلماء إلا الروافض، قال: وأجمعوا على أنه متى وقع نكاح المتعة الآن، حكم ببطلانه، سواء كان قبل الدخول، أو بعده، إلا ما حكي أولًا عن زفر.

واختلف أصحاب مالك، هل يحد الواطئ فيه؟

ومذهب الشافعي - رحمه الله - أنه لا يحد الواطئ فيه؛ لشبهة العقد، والخلاف فيه، ومأخذ الخلاف: اختلاف الأصوليين في أن الإجماع بعد الخلاف هل يرفع الخلاف، وتصير المسألة مجمعًا عليها؟

والأصحُّ عند الشافعية أنه لا يرفعه، بل يدوم الخلاف، ولا تصير المسألة مجمعًا عليها أبدًا، وبه قال القاضي أبو بكر بن الباقلاني.

قال القاضي عياض - رحمه الله -: وأجمعوا على أن من نكح نكاحًا مطلقًا، ونيته ألَّا يمكث معها إلا مدة نواها، فنكاحه صحيح حلال، ليس نكاح متعة، وإنما نكاح المتعة ما وقع بالشرط المذكور، ولكن قال مالك: ليس هذا من أخلاق الناس. وشذَّ الأوزاعي، وقال: هو نكاح متعة، ولا خير فيه. والله أعلم (٢).

وفي الحديث: تحريم لحوم الحُمُر الأهليَّة، وهو مذهب الشافعي، والعلماء كافة، إلا طائفة يسيرة من السلف، فروي إباحته وتحريمه عن ابن عباس، وعائشة، وبعض السلف، وروى مالك كراهته وتحريمه، والله أعلم.


(١) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٩/ ١٨٠ - ١٨١).
(٢) المرجع السابق، (٩/ ١٨١ - ١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>