للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد فسَّر الليث بن سعد "الحَمْوَ"، وقال أهل اللغة: الأحماء: أقارب الزوج، والأختان: أقارب الزوجة، والأصهار: يعمها، والحمو: أحد الأحماء، وفيه أربع لغات: حمًا مثل قفًا، وحَمُو مثل أَبُو، وحَمٌ مثل أَبٍ، وحَمْءٌ بإسكان الميم مهموز، وأصله: حَمَوٌ: بفتح الحاء والميم. وحماةُ المرأة: أُمُّ زوجها، قال الجوهري: لا لغة فيها غيرها.

والمعنى في ذلك: أنه إذا كان رأيه هذا في أب الزوج، وهو محرم، فكيف الغريب؟ أي: فليمت ولا يفعلن، فهذه الكلمة تقولها العرب، كما تقول: الأسد الموت، والسلطان النار؛ أي: لقاؤهما مثل الموت والنار؛ يعني: أن خلوةَ الحَمُو معها أشدُّ من خلوة غيره من الغرباء؛ لأنه ربما حسن لها أشياء، وحملها على أمور تثقل على الزوج من التماس ما ليس في وسعه، أو سوء عشرة، أو غير ذلك، ولأن الزوج لا يؤثر أن يطلع الحمو على باطن حاله بدخول بيته.

ولما كان الحمو يُستعمل عند الناس في أب الزوج، وهو محرم من المرأة، ويمنع دخوله عليها، فسره الليث بما يزيل هذا الإشكال، وحمله على من ليس بمحرم؛ فإنه لا يجوز له الخلوة بالمرأة (١).

والحديث دالٌّ على تحريم الخلوة بالأجانب، فحينئذ تأويل قوله: "الحَمْوُ المَوْتُ" يختلف بحسب اختلاف الحمو؛ فإن حمل على محرم المرأة: كأبي زوجها، احتمل قوله: "الحَمْوُ المَؤتُ" أن يكون بمعنى: أنه لا بد من إباحة دخوله كما أنه لا بد من الموت، وإنْ حُمل على من ليس بمحرم، احتمل على أن


= (٧/ ٣١٨)، و"تاريخ بغداد" للخطيب البغدادي (٣/ ١٣)، و "تاريخ دمشق" لابن عساكر (٥٠/ ٣٤١)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (٢/ ٣٨٢)، و "تهذيب الكمال" للمزي (١٢/ ٥٣٢)، و "سير أعلام النبلاء" للذهبي (٨/ ١٣٦)، و "تهذيب التهذيب" لابن حجر (٨/ ٤١٢).
(١) انظر: "غريب الحديث" للخطابي (٢/ ٧١)، و"مشارق الأنوار" للقاضي عياض (١/ ١٩٩)، و"النهاية في غريب الحديث" (١/ ٤٤٧ - ٤٤٨)، و"شرح مسلم" للنووي (١٤/ ١٥٤)، و "لسان العرب" لابن منظور (١٤/ ١٩٧)، (مادة: حما).

<<  <  ج: ص:  >  >>