للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما كان شهر النكاح مطلوبًا للشرع؛ مخالفة للسفاح؛ شُرع إعلانه بسبب الوليمة وجمع الناس لها، وكذلك ضرب الدف له، والله أعلم.

وأما قولُه - صلى الله عليه وسلم -: "وَلَوْ بشِاةٍ"؛ فإنه يفيد معنى التعليل، و (لو) هذه، ليست التي تقتضي امتناع الشيء لوجود غيره، وقيل: هي التي تقتضي معنى التمني، والله أعلم.

وفي هذا الحديث أحكام:

منها: أنه يستحبُّ للإمام والفاضل تفقُّد حال أصحابه، والسؤال عما يختلف منها.

ومنها: استحباب تسمية الصداق، إما قبل العقد على ما تقتضيه العادة، أو في نفس عقد للنكاح؛ حيث إنه - صلى الله عليه وسلم - سأله عمَّا أصدقها بما يقتضي أن يكون أصل الصداق متقررًا، وإلا لما احتاج إلى السؤال عنه، بخلاف السؤال بـ: (هل).

ومنها: ما كانت الصحابة -رضي الله عنهم- عليه من عدم التغالي في صُدُق النساء، مع أن عبد الرحمن بن عوف كان من مياسير الصحابة وأغنيائهم، وعمل بالسنَّة في قلَّة المهر، ولهذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ "خَيْرُ النكَاحِ أَيْسَرُهُ" (١)، وفي حديث آخر: "خيرُ النساء أيسرُهن مَهْرًا" (٢).

ومنها: استحباب الدعاء للمتزوج، ويقول: بارك الله لك، أو نحوه.

ومنها: شرعية الوليمة للعرس، واختلف العلماء هل الأمر بها للوجوب أم للاستحباب؟

والأصحُّ عند الشافعية: أنه سنَّة مستحبة، وحملوا الأمر على الندب، وهو


(١) رواه أبو داود (٢١١٧)، كتاب: النكاح، باب: فيمن تزوج ولم يسم صداقًا حتى مات، وابن حبان في "صحيحه" (٤٠٧٢)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (٧٢٤)، والشهاب القضاعي في "مسنده" (١٢٢٦)، عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه -.
(٢) رواه ابن حبان في "صحيحه" (٤٠٣٤)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١١١٠٠)، والعقيلي في "الضعفاء" (٢/ ٦١)، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - بلفظ: "خيرهن أيسرهن صداقًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>