قال الزبير: وكانت امرأة نجودًا، أو: النجود النبيلة، وقَدِمت الكوفة على أخيها الضحاك، وكان أميرًا، روي لها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعة وثلاثون حديثًا، اتفق البخاري ومسلم على حديث لها في مسند عائشة - رضي الله عنها -، ولمسلم ثلاثة أحاديث، وروى عنها جماعة من التابعين، منهم: عروة بن الزبير، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وسليمان بن يسار، وعبد الله بن عبد الله بن عتبة، والشعبي، وكل هؤلاء فقهاء، وروى لها أصحاب السنن والمساند (١).
وأَمَّا عَمْرو بنُ حَفْص؛ فالأكثرون على أنه أبو عمرو بن حفص، ويقال: أبو حفص بن عمرو، وقيل: أبو حفص بن المغيرة، ويقال: أبو عمرو بن حفص بن عمر بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، القرشيُّ المخزوميُّ، واختلف في اسمه، فقيل: عبد الحميد، وقيل: أحمد، وقيل: بل اسمه كنيته، وذكره البخاري فيمن لا يُعرف اسمه. بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - إلى اليمن حين بعثه، فطلَّق امرأته هناك، فاطمةَ بنتَ قيس، وبعث إليها بطلاقها، ثم مات هناك.
وأبو عمرو هذا الذي كلم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مواجهة في عزل خالد بن الوليد - رضي الله عنه -، فاعتذر عمر يوم الجابية، وقال: أعتذر إليكم من خالد؛ فإني أمرته أن يحبس هذا الْمالَ على ضعفة المهاجرين، فأعطاه ذا البأس وذا اليسار وذا الشرف، ونزعه، وأثبت أبا عبيدة بن الجراح، فقال أبو عمرو بن حفص بن المغيرة: والله! لقد نزعت غلامًا -أو قال: عاملًا- استعمله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأغمدت سيفًا سلَّه الله، ووضعت لواءً نصبَهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -،
(١) وانظر ترجمتها في: "الطبفات الكبرى" لابن سعد (٨/ ٢٧٣)، و"الثقات" لابن حبان (٣/ ٣٣٦)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (٤/ ١٩٠١)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (٧/ ٢٢٤)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (٢/ ٦١٧)، و"تهذيب الكمال" للمزي (٣٥/ ٢٦٤)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (٢/ ٣١٩)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (٨/ ٦٩)، و"تهذيب التهذيب" له أيضًا (١٢/ ٤٧١).