واختلف العلماء في الإشارة به إلى ماذا؟ فقيل: هو إشارة إلى العدة، كأنها رمت بها بعد انقضائها؛ كرميها بالبعرة المذكورة، وانفصالها منها.
وقيل: هو إشارة فعلها في السَّنة التي كانت تعتدُّ بها، من دخولها الحِفْشَ، ولبسِها شرَّ ثيابها، وصبرِها على ذلك، وعلى ترك الطيب، كأنه يقول: إن تركَ إحداكن الاكتحالَ في مدة أربعة أشهر وعشر، هينٌ بالنسبة إلى حق الزوج وما يستحقُّه من المراعاة، كما يهون الرميُ بالبعرة.
وقولها:"دخلتْ حِفْشًا"؛ الحفش: بكسر الحاء المهملة، وسكون الفاء، وبالشين المعجمة؛ أي: دخلت بيتًا صغيرًا حقيرًا قريبَ السَّمْكِ، وجمعُه أحفاش، والتحفُّش: الانضمامُ والانجماع. قال الشافعي -رحمه الله تعالى-: هو البيت الذليل الشعثُ البناء، القريبُ السمكِ.
وقال مالك -رحمه الله تعالى-: هو الصغير الخرب.
وقيل: والحفش يشبه القفة يُصنع من خوص تجمع فيه المرأة غزلها وسقطَها كالدرج، فشبه به البيت الصغير (١).
وقولها:"ثم تُؤتى بدابَّةٍ؛ حمارِ أو شاةٍ"، هو بدل من دابة.
قولها:"فتفتضُّ به": هو -بفتح التاء ثالث الحروف، وسكون الفاء، وبعدها تاء مثناة فوق، ثم ضاد معجمة-، ومعناه: أن المعتدة كانت لا تغتسل، ولا تمس ماء، ولا تقدم ظفرًا، ثم تخرج بعد الحول بأقبح منظر، ثم تفتض؛ أي: تكسر ما هي فيه من العدة، بطائر تمسح به قُبلها، وتنبذه، فلا يكاد يعيش، هكذا قاله القتيبي: عن الحجازيين فيما سألهم عنه.
وقال غيره: فتموتُ؛ لقبح ريحها وقذارتها، وسمي فعلها ذلك تتفرج به مما
(١) انظر: "مسند الإمام الشافعي" (ص: ٣٠٠)، و"الأم" له أيضًا (٥/ ٢٣١)، و"غريب الحديث" لأبي عبيد (٣/ ١٩٦)، و"غريب الحديث" للخطابي (٢/ ٥٨٤)، و"التمهيد" لابن عبد البر (١٧/ ٣١١)، و"مشارق الأنوار" للقاضي عياض (١/ ٢٠٨)، و"النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (١/ ٤٠٧)، و"شرح مسلم" للنووي (١٠/ ١١٤)، و"لسان العرب" لابن منظور (٦/ ٢٨٦).