للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمراد بالعرق هنا: الأصل من النسب، تشبيهًا بعرق التمر.

ومنه قولهم: فلان مُعْرِق في الحسب والنسب، وفي اللؤم، والكرم.

ومعنى نزعه: أشبهه واجتذبه إليه، وأظهر لونه عليه، وأصل النزع: الجذب، فكأنه جذبه إليه؛ لشبهه. يقال منه: نزع الولد لأبيه، وإلى أبيه، ونزعه أبوه، ونزعه إليه (١).

وفي الحديث أحكام:

منها: التعريض بنفي الولد في محل الاستفتاء والضرورة لا توجب حدًّا ولا تعزيرًا؛ حيث إن الضرورة داعية إلى ذكره، وإلى عدم ترتيبهما على المستفتين.

ومنها: أن الولد يلحق بأبيه، وإن خالف لونه لونه، سواء كانت المخالفة من سواد إلى بياض، أو عكسه، في الزوجين، أو أحدهما؛ لعموم احتمال أنه نزعه عرق من أسلافه.

ومنها: الاحتياط للأنساب وإلحاقها بمجرد الإمكان والاحتمال.

ومنها: إثبات القياس والاعتبار بالأشباه، وضرب الأمثال؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - حصل منه التشبيه لولد هذا الرجل المخالف للونه، بولد الإبل، المخالف لألوانها، وذكر العلة الجامعة، وهي نزوع العرق، لا أنه تشبيه في أمر وجودي، وأقر - صلى الله عليه وسلم - العمل به في الشرعيات.

ومنها: استفسار المفتى من المستفتي ما يقرب به الحكم الشرعي إلى ذهنه؛ بحيث يدفع عنه الشك والريبة فيما سأل عنه، وهذا معنى قولهم: تعليل المقدمات مطلوب للشارع.

ولهذا المعنى امتن وامتدح النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه اختصر له الكلام اختصارًا؛ تنبيهًا على تحصيل المعاني الكثيرة بالألفاظ اليسيرة العذبة.


= (٥/ ٧٤)، و"شرح مسلم" للنووي (١٠/ ١٣٣).
(١) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١٠/ ١٣٣ - ١٣٤)، و"لسان العرب" لابن منظور (٨/ ٣٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>