وردَ ذلك القاضي عياض، وقال: لم يقل بهذا أحد غيرهما, ولا روي إلا عنهما, ولم ير أحد غيرهما فيه قسامة (١).
الرابعة: لا يشترط وجود الدم ولا جراحة عند الشافعي وأصحابه. قالوا: لأن القتل قد يحصل بالخنق، وعصر الخصية، والقبض على مجرى النفس، فيقوم أثرها مقام الجراحة.
واشترط بعض المالكية وجود الأثر والجرح فيه، واحتج مالك بقصة بني إسرائيل على عدم الاشتراط في قوله تعالى:{فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى}[البقرة: ٧٣] قالوا: فأحيي الرجل، فأخبر بقاتله، فلو اشترط ذلك، لم يحتج إلى قوله: وإحيائه.
والجواب عن هذا من وجهين:
أحدهما: أن هذا شرعُ مَنْ قبلنا، وردَ شرعُنا بحكم غيره.
الثاني: أن ذلك أجراه الله تعالى آية لهم؛ لما ادَّارؤُوا في قتل النفس؛ للحجة عليهم، لا لبيان الحكم الشرعي.
وقال أبو حنيفة: إن لم يكن جراحة ولا دم، فلا قَسامة، وإن وجدت الجراحة، ثبتت القسامة، وإن وجد الدم دون الجراحة: فإن خرج من أنفه، فلا قسامة، وإن خرج من الأنف والأذن، ثبتت القسامة، هكذا حكي عنه.
الخامسة: إذا شهد عدلان بالجرح، فعاش بعده أياما، ثم مات قبل أن يفيق منه، لا يكون قسامة، بل يجب القصاص في ذلك عند الشافعي، وأبي حنيفة.
وقال مالك، والليث: هو لوث.
السادسة: إذا وجد المتهم عند المقتول، أو قريبًا منه، أو آتيًا من جهته، ومعه آلة القتل، وعليه أثره؛ من لطخ دم وغيره، وليس هناك سبع ولا غيره مما يمكن إحالة القتل عليه، أو تفرق جماعة عن قتيل، فهذا لَوْثٌ موجب للقسامة