وقيل: المراد: نقضُ صلحهما الباطلِ على الغنم والوليدة.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الوليدةُ والغنمُ رَدٌّ"؛ أي: مردودة، ومعناه: يجب ردها إليك.
وأطلق المصدر على اسم المفعول.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وعلى ابنِك جلدُ مئةٍ وتغرببُ عام"؛ هذا متضمن: أن ابنه كان بِكرًا، وعلى أن ابنه اعترف بالزنا؛ فإن إقرار الأب عليه لا يقبل إلا أن يكون هذا من باب الفتوى، فيكون معناه: إن كان ابنك زنى وهو بكر، فحده ذلك.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "واغدُ يا أُنَيْسُ على امرأةِ هذا، فإنِ اعترفت، فارجمها، فغدا عليها، فاعترفتْ، فأَمرَ بها فَرُجمت"؛ معناه عند العلماء: إعلام المرأة بأن هذا الرجل قذفها بابنه؛ لتعلم أن لها حد القذف، ويجب عليها حد الزنا، وهو الرجم؛ لأنها محصنة. فذهب أنيس، واعترفت بالزنا، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - برجمها، فرجمت، ولا بد من هذا التأويل؛ لأن ظاهره أنه بعث لطلب إقامة حد الزنا، وهو غير مراد؛ لأنه لا يحتاط له بالتجسس والتنقير عنه، بل لو أقر به مقر، استحب أن يلقن الرجوع عنه، فتعين التأويل، والله أعلم.
وفي هذا الحديث أحكام:
منها: استحباب صبر الحاكم والمفتي ونحوهما على جفاة الناس من الخصوم والمستفتين، إذا قالوا: احكم بيننا بالحق، وأَفتنا بالحق.
ومنها: حسن المخاطبة للحكام والمفتين؛ حيث وصف الخصم الآخر بأنه أفقه من الأول؛ لأنه أتى بالقضية على وجهها، واستأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكلام؛ حذرًا من وقوعه في النهي في قوله -عزَّ وجلَّ-: {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} - صلى الله عليه وسلم -[الحجرات: ١]؛ بخلاف خطاب الأول.
ومنها: جواز استفتاء غير النبي - صلى الله عليه وسلم - في زمنه؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر ذلك عليه لما قال: فسألت أهل العلم.