للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد أوجب الشارع بسبب الحريم أحكامًا وتكاليف لم توجد في غيرهن من متعلقات المتكلفين:

منها: الدفع عنهن بالقتال وغيره.

ومنها: فقء العين بالنظر في بيوتهن.

ومنها: الإنفاق عليهن، وإسكانهن، وكسوتهن، ومعاشرتهن بالمعروف، والوصية بهن، إلى غير ذلك.

وما ذاك كله إلا لعظم حقهن؛ لما يترتب من مصالحهن الدنيوية والأخروية، من جزيل الثواب ورفع الدرجات في المآب.

وقد تصرف الفقهاء في حكم هذا الحديث بأنواع من التصرفات، وذكروا فيها أحكامًا كثيرة:

منها: أنه لا يجوز النظر إلى حريم الناس، سواء كان الناظر واقفًا في الشارع، أو في ملك المنظور إليه، أو في سكة منسدة الطريق.

ويجوز فقء عين من فعل ذلك برميه بشيء؛ لإشعار الحديث به.

ولأصحاب الشافعي وجه: أنه لا يقصد فقء العين بالنظر، إلا لمن وقف في ملك المنظور إليه.

ومنها: أنه يجوز رميه قبل نهيه وإنذاره؛ لإطلاق الحديث، وللشافعية في ذلك وجهان:

أحدهما: يشترط نهيه وإنذاره قبل رميه.

والثاني: لا يشترط.

وقد ثبت في "الصحيح" ما يدل على عدم الاشتراط، وأقوى من إطلاق هذا الحديث: وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في يده مِدرى، ورجل ينظر في بيته، فقال النبي عنه: "لو أعلمُ أنكَ تنظرُ نجنا لفقأتُ بهِ عينَكَ" (١)، وذلك دليل على عدم


(١) رواه البخاري (٥٨٨٧)، كتاب: الاستئذان، باب: الاستئذان من أجل البصر، ومسلم =

<<  <  ج: ص:  >  >>