وأما القيمة والثمن؛ فلأنهما مختلفان في الحقيقة، لكن المعتبر: القيمة، وذكر الثمن في بعض روايات الحديث، إما لتساويهما عند الناس في ذلك الوقت، أو في ظن الراوي، أو باعتبار الغلبة، وإلا فلو اختلفت القيمة والثمن الذي اشتراه به مالكه، لم تعتبر إلا القيمة، وتقدم الإجماع على قطع السارق، واختلف العلماء في اشتراط النصاب وقدره، فالجمهور على اشتراط النصاب في القطع.
وقال أهل الظاهر، وابن بنت الشافعي من الشافعية، وحكي عن الحسن البصري والخوارج: لا يشترط النصاب، بل يقطع في القليل والكثير.
والاستدلال لاشتراطه بهذا الحديث فيه ضعف؛ فإنه حكاية فعل لا يلزم به وجوب القطع في هذا المقدار، فضلًا عما دونه نطقًا.
وأما قدر النصاب: فقال الشافعي: النصاب ربع دينار، أو ما قيمته ربع دينار، سواء كانت قيمته ثلاثة دراهم، أو أقل أو أكثر، ولا تقطع في أقل منه.
وهو قول كثير من العلماء والصحابة والتابعين وغيرهم، منهم: عائشة، وعمر بن عبد العزيز، والأوزاعي، والليث، وأبو ثور، وإسحاق، وروي عن داود. ودليلهم حديث عائشة - رضي الله عنها - الآتي، ويقوَّم ما عدا الذهب بالذهب.
وقال أبو حنيفة، ومالك، وأحمد، وإسحاق في رواية عنه: يقطع في ربع دينار من الذهب، أو ثلاثة دراهم، أو ما قيمته أحدهما، ولا قطع فيما دون ذلك.
وجعل هؤلاء كل واحد قدر من الذهب والفضة المذكورين أصلًا لوجوب
(١) هو عمر بن أبي ربيعة، كما في "خزانة الأدب" للبغدادي (٧/ ٣٩٤).