للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما الرَّجل الذي بينه وبينه خصومة؛ فاسمه: الجفشيش، بالجيم، وقيل: بالحاء المهملة، وقيل: بالخاء المعجمة، ثم بالفاء ثم بالشينين المعجمتين بينهما ياء مثناة تحت، وبفتح أوله على الأوجه كلها.

وهو صحابي فيما ذكره الطَّبرَانِيّ (١)، وكنيته أبو الخير، فيما ذكره أبو حاتم الرَّازيّ (٢).

وتقدم الكلام في الحديث قبله على ما يتعلق به.

وفي الحديث هذا قول رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "شاهداكَ أو يمينُه"، ولا شك أنَّه يقتضي حصرًا أنَّه ليس للمدعي على المدعى عليه من الإنكار إلَّا اليمين، ولا يستحق عليه بعدها شيئًا إلَّا ببينة يقيمها المدعي، فكأنه - صلى الله عليه وسلم - نفى أن يكون لإثبات الحق طريق غير البينة أو اليمين، فاقتضى حصر الحجة فيهما، إلَّا أن قوله: "شاهداكَ أو يمينُه" يقتضي ذكرهما بأو أن أحد السببين هو المثبت على الانفراد، لا على الاجتماع بالنسبة إلى كل واحد من الخصمين.

وهذا الكلام قليل النفع بالنسبة إلى المناظرة، وفهم مقاصد الكلام قاعدة صحيحة نافعة للناظر في نفسه، غير أن المناظر جدلًا قد ينازع في المفهوم، ويعسر تقريره عليه.

وقد تعلق بهذا الكلام مسألتان:

إحداهما: ترك العمل بالشاهد واليمين، وهو مذهب أبي حنيفة ومن وافقه.

وخالفهم الشَّافعيّ ومن قال بقوله.

الثَّانية: إذا ادعى على غريمه شيئًا، فأنكره، وأحلفه، ثم أراد إقامة البينة بعد الإحلاف، فله ذلك عند الشافعية، وعند المالكية؛ ليس له ذلك إلَّا أن يأتي بعذر في ترك إقامة البينة يتوجه له، متمسكين بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "شاهداكَ أو يمينُه"، وفي


= الصَّحَابَة" لابن حجر (١/ ٨٧)، و"تهذيب التهذيب" له أَيضًا (١/ ٣١٣).
(١) انظر: "المعجم الكبير" للطبراني (٢/ ٢٨٥).
(٢) انظر: "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (٢/ ٥٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>