للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعالى أعظمُ ضررًا بما لا يحصى، وقد يكون أعظمُ الضررين -على سبيل الاحتمال- مساويًا أو مقاربًا لأخفهما على -سبيل التحقيق-، ومقادير المصالح والمفاسد، وأعدادهما أمرٌ لا سبيل إلى البشر إلى الاطلاع على حقائقه.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من ادَّعى دَعْوى كاذبةً ليتكثَّرَ بها لم يزدْهُ اللهُ إلَّا قِلَّةً":

أعلم أن الادعاء لغير حاجة دينية صادقًا لا يُفعل؛ لأنه عبث لا مصلحة فيه، ويؤدي إلى التكثر، وهو ممنوع شرعًا؛ لأن التكثر لا يُشرع إلَّا على الكفار والمنافقين والمعاندين بالحق أو للحق، وما شاكل ذلك، فإن كان كاذبًا في دعواه متكثرًا، كان إثمه حرامًا شديد التحريم، وإثمه أشد، وكان مع ذلك سببًا لقلة فاعله، مراغمة لقصده وكذبه وتكثره، وقد تكون القلة لمجرد الإثم الحاصل له بسبب دعواه كذبًا وتكثرًا، وقد يكون أمرًا زائدًا على ذلك؛ حيث إن النفس حقيرة مزدولة مقامها ذلك، فهذا قصدت ضد ذلك، حصل لها الإثم المترتب على التحريم بالكذب والتكثر الموجبين للقلة الشرعية، وحصلت الزيادة عليها في القلة بقصد ذلك، والله أعلم.

وفي الحديث أحكام:

منها: تحريم الحلف بملة غير الإِسلام؛ كاليهودية والنصرانية ونحوهما مطلقًا، وكذلك تعليق الحلف بهما.

وتقدم ذكر الكفارة فيه وعدمها، وسواء في التعليق بهما تعليقه بالمستقبل أو الماضي في التحريم.

وأما الكفارة، فإن كان مستقبلًا، لم تتعلق به كفارة عند المالكية والشافعية، ويتعلق به عند الحنفية.

وأما في الكفر، فإن قصد الحلف بها تعظيمًا، فهو كفر عندهم؛ حيث أقدم على الحلف بها، وذلك متضمن الرضا بالكفر فيكون كفرًا.

وقد اختلف الحنفية في الكفر بالحلف معلقًا على الماضي، فقيل: لا يكفر

<<  <  ج: ص:  >  >>