للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عقبة بن عامر -رضي الله عنهم- نذرت أن تمشي إلى البيت، فأمرها النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أن تركب وتهدي هديًا (١).

وفي رواية في "سنن أبي داود" -أَيضًا-، عن عقبة بن عامر قال: إن أختي نذرت أن تحج ماشية، وأنها لا تطيق ذلك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن اللهَ لغنيٌّ عن مشيِ أختِكَ، فلتركبْ ولِتُهْدِ بَدَنَةً" (٢).

وفي الحديث أحكام:

منها: صحة النذر إلى الذهاب إلى بيت الله -عَزَّ وَجَلَّ- الحرام، فإن نذره ماشيًا، لزمه الذهاب ماشيًا، لكن هل يلزمه الذهاب ماشيًا من المكان الذي نذر منه، أو من الميقات؛ فيه وجهان:

أحدهما: من المكان الذي نذر منه، إذا كان أبعد من الميقات؛ لأنه من نذر الذهاب إليه، لزمه قصده بحج أو عمرة بلا خلاف، فيلزمه الإحرام من ميقاته.

والثاني: يلزمه الذهاب ماشيًا من الميقات، إن لم يحرم قبله، وهو الأصح، فيحرم -أَيضًا- منه، إما بحج أو عمرة، ولا يجوز -على الوجهين- أن يترك المشي إلى أن يرمي في الحج ويفرغ من العمرة.

ومذهب مالك: أن نذر المشي إلى بيت الله الحرام لازم، سواء أطلقه أو علقه، فيحتاج إلى تأويل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولتركبْ"، فيمكن أن يحمل على حالة العجز عن المشي؛ فإنَّها تركب، فلو ركب من غير عذر، فقد أساء، وعليه دم، لأن كان لعذر، جاز.

وهل يلزمه دم؟ فيه قولان: أصحهما: يلزمه، والثاني: لا يلزمه، بل يستحب الدم.


(١) رواه أبو داود (٣٢٩٦)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: من رأى عليه كفارة إذا كان في معصية.
(٢) رواه أبو داود (٣٣٠٣)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: من رأى عليه كفارة إذا كان في معصية.

<<  <  ج: ص:  >  >>