للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انصرف إلى بلاد قومه، ولم يهاجرْ إليها، ثمَّ قدمَ مع إخوته، فصادف قدومُه قدومَ السفينتين من الحبشة.

وقال أبو عُمَرَ بنُ عبدِ البرِّ: الصحيح أنَّه لم يهاجرْ إليها؛ وإنَّما رجع بعد الفتنة إلى بلاد قومه، فأقام بها حتى قدم مع الأشعريين، نحو خمسين رجلًا في سفينة؛ فألقتهم الريح إلى النجاشي بأرض الحبشة، وافَوا خروج جعفر وأصحابه منها، وأتوا معهم، وقدمت السفينتان معًا: سفينة الأشعريين، وسفينة جعفر وأصحابه على النبي - صلى الله عليه وسلم - في خيبر.

وقيل: إِنَّهم أقاموا بالحبشة بعد رمي الريح لهم إليها مدة، ثمَّ خرجوا منها بعد خروج جعفر، فذكروا فيمن هاجر إليها، والله أعلم.

وولَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا موسى على "زبيد"، و"عدن" و"ساحل اليمن"، واستعمله عمر على "الكوفة" و"البصرة"، وشهد وفاة أبي عبيدة (١) بـ "الأردن"، وخطبة عمر بالجابية، وقدم دمشق على معاوية.

رَوِيَ له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ثلاثُ مئةٍ وستون حديثًا، اتفق البخاري ومسلم على: خمسين حديثًا، وانفرد البخاري: بأربعة، ومسلم: بخمسة عشر، وروى له أصحاب السنن، والمساند، وروى عنه من الصحابة: أنس بن مالك، وخلق كثير من التابعين.

وقال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَقَدْ أُوتِيَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُد" (٢)، وسُئل علي - رضي الله عنه - عن موضع أبي موسى من العلم؛ فقال: صبغ في العلم صبغة (٣)، وكان عمر إذا رآه، قال: أذكرنا يا أبا موسى، فيقرأ عنده (٤).


(١) "ح": "عبيد".
(٢) رواه البخاري (٤٧٦١)، كتاب: فضائل القرآن، باب: حسن الصوت بالقراءة للقرآن، ومسلم (٧٩٣)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: استحباب تحسين الصوت بالقرآن.
(٣) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٤/ ٣٤٦)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" (٢/ ٣١٤)، والبيهقي في "المدخل" (ص: ١٤٢)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٢١/ ٤٢٠).
(٤) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٤/ ١٠٩)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٣٢/ ٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>