للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي هذا الحديث أحكام:

منها: الحث على الحلال وتبينه.

ومنها: الحث على اجتناب الحرام وتبينه.

ومنها: الإمساك عن الشبهات.

ومنها: الاحتياط للدين والعرض، وعدم تعاطي الأمور الموجبة لسوء الظن بالإنسان؛ لما فيها من تأذية وجر الأذى إلى الناس بوقوعهم فيه بسبب عدم احتياطه لنفسه.

ومنها: الأخذ بالورع والعمل به، وهذا الحديث أصل فيه.

وقد روى الترمذي حديثًا حسنًا من رواية عائذ بن عمرو الصحابي - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يبلُغ أحدٌ أن يكونَ من المتقين حَتَّى يدع ما لا بأسَ بهِ، حذرًا لِما به بَأسٌ" (١).

وهذا الحديث -أيضًا- أصل أصيل في الورع وترك الشبهات، قال شيخنا الإِمام أبو الفتح بن دقيق العيد -رحمه الله تعالى-: وكان في عصر شيوخنا بينهم اختلاف في هذه المسألة، وصنفوا فيها تصانيف، وكان بعضهم سلك طريقا من الورع، فخالفهم بعض أهل عصره، وقال: إن كان هذا الشيء مباحا؛ والمباح ما استوى طرفاه، فلا ورع فيه؛ فإن الورع ترجيح لجانب الترك، والترجيح لأحد الجانبين مع التساوي محال، وجمع بين المتناقضين، وبنى ذلك تصنيفًا.

قال: والجواب عندي من وجهين:

أحدهما: أن المباح قد يطلق على ما لا حرج في فعله، وإن لم يتساو طرفاه، وهذا أعم من المباح المتساوي الطرفين، فهذا الذي رد فيه القول. وقال: إما أن يكون مباحا أو لا؛ فإن كان مباحًا، فهو مستوي الطرفين، فنمنعه؛ فإن المباح قد


(١) رواه الترمذي (٢٤٥١)، كتاب: صفة القيامة والرقائق والورع، باب: (١٩)، وابن ماجه (٤٢١٥)، كتاب: الزهد، باب: الورع والتقوى، والحاكم في "المستدرك" (٧٨٩٩)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٥/ ٣٣٥)، عن عطية السعدي - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>