للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصرَّحًا به في بعض الروايات، والعلَّة التي تقتضي الاستياك على الأسنان موجودة في اللسان، بل هي أبلغ وأقوى؛ لِما يترقى إليه من أبخرة المعدة، لكن الفقهاء ذكروا الاستياك في الأسنان عرضًا، وورد في بعض الروايات: الاستياكُ على اللسان طولًا، والله أعلم.

وقد ترجم على هذا الحديث: باب استياكِ الإمامِ بحضرة رعيته (١)؛ فإن الاستياك من أفعال البذلة والمهنة، ويلازمه -أيضًا- من إخراج البصاق، وغيره؛ ما لعلَّ بعض الناس يتوهم أنَّ ذلك يقتضي إخفاءَه وتركَه بحضرة الرعية.

وقد اعتبر الفقهاء ذلك في مواضع كثيرة؛ كالأكل والشرب في المواضع التي لم تجر العادة بالأكل والشرب فيها؛ كالطرق والأسواق؛ وهو الَّذي يسمونه بحفظ المروءة.

فأورد هذا الحديث لبيان أن الاستياك ليس من قبيل ما يُطلب إخفاؤه، ويتركه الإمام بحضرة الرعية؛ إدخالًا له في باب العبادات والقربات، والله أعلم.

والمترجمون في التصانيف على الأحاديث:

تارة تكون للتنبيه على الرد على مخالف في المسألة لم تشتهر مقالته.

وتارة تكون لفائدة ظاهرة في الدلالة على المعنى المراد.

وتارة تكون لفائدة ظاهرة فائدتها قديمة لا تكاد تستحسن.

وتارة تكون لمعنى يخص الواقعة، لا يظهر لكثير من الناس، كترجمة هذا الباب، والله أعلم.

* * *


(١) وهو النسائي -رحمه الله- في "سننه" (١/ ٩)، كتاب: الطهارة، باب: هل يستاك الإمام بحضرة رعيته؟

<<  <  ج: ص:  >  >>