للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقاص، وكان قد شوى لهم رأس بعير، فأكلوا منه وشربوا الخمر حتى أخذت منهم، ثم إنهم افتخروا عند ذلك وانتسبوا، وتناشدوا الأشعار، وأنشد سعد قصيدة فيها هجاء للأنصار، وفخر لقومه، فأخذ رجل من الأنصار لَحْيَ البعير فضربَ بها رأس سعد، فشجه موضِحَةً، فانطلق به سعد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وشكا إليه الأنصاري، فقال عمر؛ اللهم بَيِّنْ لنا رأيك في الخمر بيانًا شافيًا، فأنزل الله تعالى تحريم الخمر في سورة المائدة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} إلى قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١)} [المائدة: ٩٠ - ٩١]، وذلك بعد غزوة الأحزاب بأيام، فقال عمر: انتهينا يا رب (١).

قال أنس: حرمت الخمر، ولم يكن للعرب عيشٌ أعجبُ منها، وما حرم عليهم شيء أشدّ من الخمر، والله أعلم.

واعلم أن الآية في تحريمها فيها عشرة أوجه من الأدلة على تحريمها:

الأول: وصفُها بأنها رجس من عمل الشيطان.

الثاني: ضمها إلى الميسر والأنصاب والأزلام.

الثالث: ترجي الفلاح لمُجتنبها.

الرابع: إرادة الشيطان إيقاع العداوة بين المؤمنين بسببها.

الخامس: إرادته إيقاع البغضاء فيها.

السادس: صدها عن ذكر الله تعالى.

السابع: صدها عن الصلاة.

الثامن: كونها من عمل الشيطان.

التاسع: إرادة الشيطان لما يترتب عليها بمجرده يقتضي تحريمها.

العاشر: استفهام الانتهاء عنها بهل، يقتضي أمرين:

أحدهما: البلاغة في النهي.


(١) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (٢/ ١٢٥)، والحاكم في "المستدرك" (٧٢٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>