ذكر ذلك تنبيهًا على تحريم التشبه بهم فيما يعانونه من أمور الدنيا؛ تأكيدًا للمنع منه.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولكم في الآخرة"؛ أي: يوم القيامة، وإنما ذكر ذلك؛ لئلا يظن أنه يحصل ذلك بمجرد الموت، وأنه يصير في أحكام الآخرة في هذا الإكرام، فبين - صلى الله عليه وسلم - أنما ذلك في يوم القيامة وبعده في الجنة أبدًا، فتكون لهم يوم القيامة حكمًا، وتستمر في الجنة أبدًا، والله أعلم.
وفي هذا الحديث دليل: على تحريم لبس الحرير والديباج مطلقًا.
وذكر أصحاب الشافعي أنه يجوز لبس الديباج الثخين الذي لا يقوم غيره مقامه في دفع السلاح حالة القتال، وكأنهم يجعلون ذلك من الأمور المحتاج إليها أنها كإذنه - صلى الله عليه وسلم - في لبس الحرير للحكة، والله أعلم.
وفيه دليل: على تحريم استعمال أواني الذهب والفضة مطلقًا، وتخصيص الشرب والأكل بالنهي دون غيرهما من الحالات؛ لكونهما الغالب في الاستعمال، لا لتقييده بهما.
وللشافعي قول ضعيف: أن المنع منهما للتنزيه، وهو متفق على ضعفه.
واختلف في تعليل المنع منهما، فقيل: للسرف والخيلاء. وقيل: لتعليل النقدين؛ حيث إن الحكمة اقتضت الانتفاع بهما في المعاملات، فلا يُضيَّق على الناس في ذلك؛ بجعلهما في غيره، والله أعلم.
وفيه: التنبيه على منع التشبه بالكفار.
وفيه: التحضيض على الصبر عن ذلك احتسابًا لنيله في الآخرة؛ حيث إنها الباقية، وما عداها فانٍ، والتعلق بالباقي خير من التعلق بالزائل الفاني، والله أعلم.