قالوا: وهذا الحديث فتوى من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإخبار عن حكم الشرع، فلا يتوقف على قول واحد.
وقال أبو حنيفة، ومالك، ومن تابعهما: لا يستحق القاتل ذلك بمجرد القتل، بل هو لجميع الغانمين كسائر الغنيمة، إلا أن يقول قبل القتال: من قتل قتيلًا، فله سلبه، وحملوا الحديث على هذا، وقد بينا ضعفه آنفًا.
واشترط الشافعي في استحقاق السلب للقاتل: أن يغرر بنفسه في قتل كافر ممتنع في حال القتال، حتى لو كان الكافر ممن رضخ، فلا سهم له؛ كالمرأة والصبي والعبد، استحق السلب في الأصح.
وقال مالك: لا يستحقه إلا المقاتل، وقال الأوزاعي والشاميون: لا يستحق السلب إلا في قتل قتله قبل التحام الحرب، فأما من قتل في حال التحام الحرب، فلا يستحقه.
واختلف العلماء في تخميس السلب:
فقال الشافعي في الصحيح من قوليه، وأحمد، وابن جرير، وابن المنذر، وآخرون: لا يخمس.
وقال مكحول، ومالك، والأوزاعي، والشافعي في أضعف قوليه: يخمس.
وقال عمر بن الخطاب، وإسحاق بن راهويه: يخمس إذا كثر.
وعن مالك رواية اختارها إسماعيل القاضي: أن الإمام بالخيار إن شاء خمسه، وألا يخمس.
ومنها: أن السلب لا يعطى إلا لمن بينه بأنه قتل، ولا يقبل قوله بغير بينة.
وهو مذهب الشافعي، والليث، ومن وافقهما من المالكية وغيرهم.
وقال مالك والأوزاعي: يعطاه بقوله بلا بينة، قالا: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى السلب بقولِ واحدٍ في بعض روايات هذا الحديث، ولم يحلِّفه، والجواب: أن هذا محمول على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علم أنه القاتل بطريق من الطرق، وقد صرح بالبينة، فلا تلغى.