للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والانتهاء حق، كان المقاتل للموعود به على الفعل أو الترك مقاتلًا في سبيل الله تعالى، ولا يكون المقاتل لثواب الله تعالى والجنة منافيًا للقتال لإعلاء كلمة الله؛ لأن طلب الفعل وتركه والجزاء عليه والترغيب على الفعل، والترهيب من الترك كله ثبت بكلمة الله، فمن قاتل لواحد منهما، فقد قاتل لإعلاء كلمة الله تعالى، وهو في سبيل الله، فيكون القتال لإعلاء كلمة الله تعالى؛ التي هي الأمر بالقتال وطلبه والمقصود منه في سبيل الله لا على سبيل الحصر، فلا يكون القتال لغيره من الثواب والجزاء، خارجًا عن سبيل الله؛ حيث إنه ثابت بوعد الله تعالى، والحث على القتال به.

فلا يضاد ذلك الإخلاص لله تعالى، بل يكون من فعل فعلًا لطلب ثواب الله تعالى، أو تركه خوفًا من عقاب الله تعالى، مخلصًا له - سبحانه وتعالى -؛ حيث إن الثواب والعقاب من المضاف إلى الله تعالى، إيجادًا وحكمًا وجزاءً، والله أعلم.

وفيه دليل: على تحريم الفخر بالشجاعة على الناس، فإن فَخَرَ بها لكونها فضْلًا من الله تعالى، فليس بحرامٍ؛ فإن التحدثَ بنعم الله تعالى مطلوب، وهو شكر لها.

وفيه دليل: على تحريم الحَمِيَّةِ غيرِ الدينية؛ فإن الحميَّةَ للدين مطلوبةٌ شرعًا، وتسمى الحُرْقة على الدين والخير، وذلك مُجمَعٌ عليه، وهو من أفضلِ القُربات، وبه امتاز أهل العنايات على غيرهم من أهل الطاعات.

وفيه دليل: على تحريم الرياء، وقد ثبت في الصحيح: "مَنْ راءى، راءى اللهُ به" (١).


(١) رواه البخاري (٦١٣٤)، كتاب: الرقاق، باب: الرياء والسمعة، ومسلم (٢٩٨٧)، كتاب: الزهد والرقائق، باب: من أشرك في عمله غير الله، عن جندب العلقي - رضي الله عنه -. ورواه مسلم (٢٩٨٦)، كتاب: الزهد والرقائق، باب: من أشرك في عمله غير الله، عن ابن عباس - رضي الله عنه -، وهذا لفظه.

<<  <  ج: ص:  >  >>