اغسلْه، والنضح: يكون غسلًا، ويكون رشًّا، لكن الغسل هنا متعين ببيان الرواية الأخرى في الأمر به؛ فحُمل النضح عليه.
وقولُ عليٍّ - رضي الله عنه -: "لِمَكَانِ ابْنَتِهِ"؛ تنبيهٌ على العلَّة في عدمِ سؤاله عن حكم المذيِ بنفسه؛ لكونه عِلْمًا.
والعلمُ وتعلُّمه عبادة لا ينبغي أن تدخلَه النيابةُ، وعدم مواجهة العلماء، والسؤالُ عنه، ولهذا أثنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على نساء الأنصار؛ لكونهن لم يمنعْهنَّ الحياءُ من التفقُّه في الدين؛ لمَّا سَأَلْنَه عن أشياءَ تتعلق بأنفسهنَّ ممَّا يُسْتَحيا من ذكره -عادة-.
لكنَّ عليًّا لمَّا رأى أنَّ هذه المسألةَ يتعلق بها مواجهةُ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالسؤال عن حالة تعرِض عندَ مقدمات الجماع؛ أرسل غيره يسأل، أدبًا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لمكان ابنته منه.
وقوله:"فَأَمَرْتُ المِقْدادَ بْنَ الأَسْوَدِ"؛ إنَّما قيل: ابن الأسودِ؛ لأنَّه كان في حِجْرِ الأسودِ بنِ [عبد] يغوثَ بنِ وَهْبِ بنِ عبدِ منافِ بنِ زهرةَ الزهريِّ، فتبناه وحالفه في الجاهلية؛ وإلا فهو المقدادُ بن عَمْرِو بنِ ثعلبةَ بنِ مالكِ بنِ ربيعةَ بنِ ثمامةَ، بهرانيٌّ من بهرا بنِ عمرٍو، وقيل: كنديٌّ من كندةَ، وقيل: حضرميٌّ من حضرموت، وقيل: حالف أبوهُ كندة فنسبَ إليها، وحالف هو بني زهرة فقيل له: الزهريّ -أيضًا-، وقيل: كان عبدًا حبشيًّا للأسودِ بنِ عبدِ يغوثَ؛ فتبناه، والصحيح: ما ذكرناه أولًا، ولا يصحُّ كونه عبدًا.
كنيته: أبو الأسود، ويقال: أبو عمرو، ويقال: أبو معبد.
وشهد المشاهدَ كلَّها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يثبت أنَّه شهد بدرًا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فارسٌ غيرُه، وقيل: كان الزبير -أيضًا- فارسًا معه، وهو أحد السبعين الذين هم أولُ من أظهر الإسلام.
قال أبو عمرَ بنُ عبد البرِّ - رحمه الله -: وكان من الفضلاء النجباء الكبار الأخيار من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو أحد الأربعة عشر النجباء الوزراء